كتبت / سهام سمير
صادفت مؤخرا إعلان برنامج يذاع فى الخارج، وراقتنى الفكرة حيث أن مقدم البرنامج يستضيف أحد الجمادات ويجرى معها حوار،يبدأ الجماد فى التعريف بنفسه ويسأله المقدم عن حياته وأهم أعماله وما الصعوبات التى يواجهها.
أخذتنى فكرة تحويل الجماد لكائن حى، يشعر مثلنا ويتأثر بما نعانيه وأحيانا يحزن لحزننا أو يحزن علينا.
تحدثنى صديقتى عن ساعة والدها التى توقفت يوم وفاته، لم تفوتها هذه الملحوظة، بل وأثرت فيها الى الأن تتذكر كيف حزنت الساعة بطريقتها الخاصة على فراق صاحبها، فأقسمت ألا تعمل مرة أخرى.
أذكر أنى كنت بجوار صديقة أخرى يوم رن هاتف والدتها المتوفاة حديثا!
جفلت صديقتى ثم أجابت الهاتف، كانت صديقة أمها، افتقدتها فطلبت رقمها!
أن يذهب الإنسان ويبقى منه أشياءه التى تأبى أن تعمل كما كانت أيام حياته.
يقال أن منبر مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وهو جذع نخلة كان يسعد هذا الجذع ويفرح لأن رسول الله صلي الله عليه وسلم يقف عليه خطيباً آمراً ناهياً معلماً اصحابه والامة من بعده،وأن هذا الجذع حزن لفراق الرسول صلى الله عليه وسلم حين بنى له الصحابة منبرا من ثلاث درجات يخطب من عليه، فسمع الصحابة فى الخطبة أنين الجذع، واحتضنه الرسول وربت عليه بحنو.
نحن نرتبط بالأشياء ونعدها جزءا منا، من ذكرياتنا، كانت شاهدة على آلامنا وأفراحنا، كم مرة صفقنا الباب بقسوة حين عدنا غاضبين من الخارج!.
أليست الوسادة الأقرب حين نحتنق بدموعنا؟ أليس الكتاب أفضل صديق لا يمل منك ولا تمل منه؟.
ليلة وفاة والدة زوجى، انطفأت لمبة غرفة نومها بعدما ظلت تومض ومضات متقطعة مع أناتها قبل أن تسلم الروح.
هل حقا تشعر بنا الجمادات؟ وتحزن لفراقنا؟! أكثر من انتقالها لملكية شخص أخر؟!،أعتقد أن فى انتقالهم لغيرنا فرصة لحياة أخرى .
نحن البشر نشعر بالتعاطف والمواساة فننسى بعد زمن أو نتناسى أما حزن الجماد فليس له مداواة،فهو لا يعرف إلا لغة الكسر أو التوقف عند الحزن، فلا يجدى معه الإصلاح، بل التغيير بالكامل، واعطاؤه الفرصة لاداء دور أخر فى حياة أخرين.