كتب د _ عيد على
تطور المشهد الأمريكي تطورا سريعا وأصبحت مقولة التداول السلمي للسلطة مجرد شعارات يطلقها القادة واليوم عندما تقوم أكبر دول العالم بعدم احترام اختيار الشعب لممثليه ورؤسائه يطرح السؤال نفسه على الساحة
أليست هي أمريكا نفسها من استنكرت نزول الجيوش في دول العالم الثالث
أليست هي أمريكا نفسها التي نادت بالتداول السلمي للسلطة.
اليوم سقطت جميع الأقنعة وأصبح حكيم الأمس سفيه اليوم
تعالوا بنا نلقى نظرة على قانون التمرد وما حدث به من تعديلات
ثم مشهد اقتحام الكونجرس الأمريكي وضياع هيبة الدولة العظمى في عيون دول العالم الثالث
ينص قانون التمرد الأمريكي على
يُمنع الجيش الأمريكي عمومًا من الانتشار داخل الولايات المتحدة أو أداء وظائف إنفاذ القانون المحلية سوى بشروط صارمة للغاية وذلك اعتبارا بقانون بوسيت كوميتاتوس الصادر عن الكونغرس عام 1878. في الوقت نفسه يمنح قانون التمرد لعام 1807 – حيث تم تعديله عدة مرات- استثناءات واسعة تسمح للرئيس بإرسال قوات بغية الرد على “أي تمرد أو عنف أو تصرفات غير قانونية أو مؤامرة تعارض أو تعرقل تنفيذ قوانين الولايات المتحدة أو تعرقل سير العدالة”.
يشير قانون التمرد إلى إمكانية أن يقوم الرئيس الأميركي بناء على طلب من الجهاز التشريعي لولاية أو حاكمها باستخدام الجيش الفيدرالي لقمع تمرد.
فقانون بوسيت كوميتاتوس يقيد قدرة الرئيس على استخدام الجيش الفيدرالي في عمليات إنفاذ القانون المحلية مثل عمليات التفتيش والحجز والاعتقالات، ويجرم قيام الجيش بتنفيذ القوانين “إلا في الحالات والظروف التي يجيزها الدستور أو الكونغرس صراحة”. ومن هذا المنطلق، يمكن أن يتحرك الجيش استنادا إلى القواعد التي تجيز له التدخل في مينيسوتا الواردة في القانونين.
يجوز للرئيس أن يتذرع بقانون التمرد دون استشارة الكونغرس ولكن يجب أن يفعل ذلك من خلال إعلان رسمي يمنح الأفراد في المنطقة أو المناطق المتضررة الوقت للعودة إلى منازلهم.
تم استخدام قانون التمرد بشكل غير متكرر على مدى أكثر من قرنين منذ سن تشريعاته وقد حدث ذلك في عام 1992 عندما لجأ حاكم كاليفورنيا حينها إلى تطبيق قانون التمرد، لفض أعمال شغب حدثت في لوس أنجلوس بعد تبرئة شرطيين كانا ضالعين في قتل رودني كينغ قضى بسبب الضرب الوحشي فحينها طلب من الرئيس الراحل جورج بوش الأب التدخل لأن قوات الحرس الوطني في كاليفورنيا لم تكن قادرة على قمع الاضطراب الداخلي. ورد بوش بإصدار أمر تنفيذي أذن لوزير الدفاع بتحويل الحرس الوطني في كاليفورنيا إلى قوات فيدرالية وتم نقل جنود في الخدمة من قواعد في كاليفورنيا إلى هناك للتعامل مع الأحداث.
ومع تطور الأحداث والانقسامات داخل أمريكا بين مؤيد ومعارض وسع الكونغرس بشكل ملحوظ نطاق الظروف التي يمكن بموجبها العودة إلى القانون في أعقاب إعصار كاترينا في عام 2005. وقد تم ذلك على الرغم من اعتراضات كل حاكم في البلاد في ذلك الوقت ، الذين رأوا بشكل جماعي التعديلات على القانون باعتبارها تجاوزًا من قبل الحكومة الفيدرالية.
لكن شروط إنفاذ القانون محددة بطرق مشروطة جدا منها اللجوء إلى استخدام القوة كملاذ أخير وعدم استخدام القوة الفارطة إلا عند تعذر اللجوء إلى وسائل أقل قسوة.كما تجيز هذه القواعد استخدام القوة لحماية المرافق النووية والمرافق العامة المهمة. ومن هذا المنطلق يمكن لترامب أيضًا نشر القوات العسكرية الأمريكية للقيام بمهام غير متعلقة بإنفاذ القانون مثل حراسة البنية التحتية الحيوية أو تقديم الدعم الطبي أو اللوجستي. في الوقت نفسه ومع ذلك تنص فقرات القانون أيضًا على أن الرئيس يستخدم هذه السلطة إذا كان العنف “يعيق تنفيذ قوانين الولايات”.
والمتابع للمشهد السياسي في أمريكا بجد أن الصحف والمواقع العربية تناقلت أثر أحداث اقتحام مبنى الكونغرس الأمريكي قبل أيام من قِبَل أنصار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على مسار الديمقراطية الأمريكية.
وتساءل كتاب عما إذا كانت صورة الولايات المتحدة قد اهتزت أمام العالم فيما أشار آخرون إلى أن المشكلة تكمن فيما وصفوه بالترمبية وأن الديمقراطية الأمريكية قادرة على تصحيح مسارها.
“انتكاسة لأمريكا”
ترى روزانا بومنصف في “القدس” الفلسطينية أن ما حدث هو “انتكاسة قاسية لصدقية أمريكا وتقويماتها”.
وتتحدث الكاتبة عن “الصدمة التي أصابت العالم كون الولايات المتحدة قائدة العالم الحر أياً تكن الخلافات معها وقد أصاب الوجوم قادتها لا سيما منهم قادة الدول الحليفة والصديقة لأن ما حصل يمكن توقعه وقبوله في دول العالم الثالث كما صرح أكثر من مسؤول أمريكي ولكن ليس في الولايات المتحدة الأمريكية لأن إصابة الديمقراطية الأمريكية بالطريقة التي تم التصويب عليها يهدد الديمقراطيات كلها ويشجع الشعبويين وأصحاب الأيديولوجيات المتطرفة على التشبه وتنفيذ ما حصل في أمريكا في أي استحقاق انتخابي مقبل”.
ويرى زياد حافظ في “رأي اليوم” اللندنية أن مشهد اقتحام الكونغرس “اختزل حالة التدهور التي وصلت إليه الولايات الأمريكية المتحدة التي قد لا تكون متحدة بعد ذلك. العديد سيسارع إلى الإشارة أن الولايات المتحدة دولة مؤسسات ودستور وقانون وديمقراطية عريقة إلخ لكن ما حصل في ذلك اليوم هو نقض لكل ذلك”.
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية