كتبت/سالي جابر
يكبر الطفل ونري ذلك من خلال زيادة طوله، أو زيادة وزنه، فإننا أيضًا نلاحظ تغيير كبير عليه، في قدراته الإدراكية، وقدراته الإبداعية، واللغة لديه، وكل جوانب نموه؛ لكننا للأسف نتعامل معه وكأنه لا يكبر، غالبًا ما ننظر إليه بعين الخوف، لا نترك الطفل ذو العام ونصف يمسك بالملعقة ليأكل بمفرده، والسبب أنه لا يستطيع ذلك، عند سن الثالثة البعض لا يترك طفله يدخل المرحاض بمفرده؛ خوفًا أن ينزلق علي الأرض أو يصيبه مكروه، وأحيانًا نُعاقب الطفل علي أنه لا يستطيع تنفيذ الأوامر المتعددة المطالب بها في نفس الوقت؛ لأننا لا نعلم مدي انتباهه تِبعًا لسنه أو سعة الذاكرة السمعية لديه.
نحن فقط ننظر للطفل علي إنه صغير ولا يستطيع، بالرغم أنه لكل مرحلة عمرية خصائصها التي تميزها، مهاراتها التي لابد وأن يتعلمها الطفل جيدًا قبل دخوله المرحلة التي تليها؛ لكننا نقف عند نقطة ثابتة لا تتغير ونشتكي، وهذا عكس الطبيعة التي خلقها الله- تعالي- فالأرض تدور، الكواكب، المجرات، تتغير فصول السنة، يتعاقب الليل والنهار، إنه قانون الطبيعة( التغيير) الذي يشمل كل شئ.
وهذا ما أكدته مدرسة الجشطالت إننا عندما ننظر إلي شئ، فإن العين تأخذ عنه أول لقطة وتخزنها في الذاكرة ولا تستقبل منها أي صورة ثابتة إلي أن يحدث لها تغيير، وأيضًا علينا أن ندرك أن استقبالاتنا المبكرة لمواقف الطفولة وتثبيتها دون مراجعتها قد تصل بنا إلي بعض الأمراض النفسية.
الإنسان بطبيعته يحب الاستسهال في كل شئ، لا يريد بذل مجهود، لا يريد أن ينظر للتغيير الذي يحدث للشخصية دائمًا .
ولأن الطفولة هي النواة والبذرة الأولي لحياة سعيدة ومجتمع متقدم، فنجد أن واطسون- مؤسس المدرسة السلوكية- قام بإجراء تجارب علي حالات الأطفال وحاول دراسة سلوكهم بطريقة علمية.
وسيجموند فرويد- مؤسس التحليل النفسي- يري أن المشاكل النفسية للكبار ترجع مباشرة إلي خبرات الطفولة المجهدة والمدفونة في العقل الباطن .
ولهذا فعليك فهم طفلك، وأن تكون فعالًا في توجيه ورعاية طفلك أثناء نموه ونضجه، وأن تضع في اعتبارك أن لطفلك سمة فريدة.
لابد أن تسأل نفسك بعض الأسئلة التي يمكن أن تساعدك في فهم نفسية طفلك:
• ماذا يجب على الطفل أن يفعل؟
• ماهي ردة فعل الطفل عندما تخبره أن يفعل شئ لا يحبه؟
• ماذا تفعل مع طفلك عندما يتخيل شئ غريب ويحكيه إليك وكأنه حقيقي؟
• ماذا يفعل طفلك عند وجود غرباء في المنزل؟
• هل طفلك قادر علي التكيف مع من حوله؟
• هل طفلك يستطيع انتظار دوره؟
• هل طفلك قادر علي تنفيذ أوامرك؟
هناك بعض الآباء طريقتهم في تفسير تصرفات أطفالهم، أحيانًا ماتكون خاطئة؛ لكن دور الوالدين هو مفتاح النمو النفسي للطفل، وغالبًا ما يؤدي نقص الوعي حول نمو الطفل إلي سوء تقدير الأطفال مما يؤدي إلي قرارات تربوية خاطئة
كشفت دراسة أجرتها بريندافولينج – مديرة الأبحاث بجامعة ميتشيغان- أن الأطفال يتأثرون بشكل مباشر بمقدار الوقت الذي يقضيه الوالدين معهم.
أما عن كيفيه قضاء الوقت مع أطفالك:
• انتبه لبيئة طفلك:
يعتمد سلوك الطفل علي نوعية الأشخاص المحيطين به، وكيفية تعاملهم معه، فإذا وجدت طفلك يتصرف بعدوانية أو سلبية لابد من البحث في البيئة المحيطة به.
• افهم عقلية طفلك:
يعمل دماغ الطفل من خلال التجارب التي يمر بها، ولأن سلوك الشخص هو عبارة عن فكرة، فإن تلك التجارب تتحول إلي سلوكيات.
• كيفية تعبير طفلك عن مشاعره:
الأطفال يعبرون عن مشاعرهم بأكثر من طريقة، وعليك تشجيع الطفل علي ذلك، فمهنم من يحب الرسم أو الكتابة ليعبر بها عن مشاعره
• كيفية طرحك للأسئلة بطريقة صحيحة:
لا تسأل أسئلة مفتوحة، فبدلًا من سؤال طفلك ماذا فعل في المدرسة اليوم، أسأله ماذا لعب مع أصدقاءه، ما رأي مدرسته في واجباته….. وهكذا
وأيضًا عليك الإجابة علي تساؤلات طفلك، وإن كنت لا تعلم الإجابة قم بإيقاف طفلك ثم عد إليه بالرد لاحقًا.
• لا تقارن طفلك بالآخرين:
العديد من الآباء تراقب تصرفات الأطفال الآخرين مقارنة بتصرفات أطفالهم، ولذلك تأثير سلبي علي الطفل، المقارنة ليست سيئة؛ لكن عندما لاتوجد أوجه للمقارنة تكن سببًا في الإيذاء النفسي لطفلك، ولذلك عليك التعرف علي مراحل النمو للطفل وخصائصها.
• عليك أن تفكر كطفل، وتتصرف كطفل لتفهم طفلك فلابد أن تستمع لمشاعره وتستخدم لغته.
وكما قال د. سيجموند فرويد ” ياله من تناقض مؤلم بين الذكاء المتوهج للطفل والعقلية الضعيفة للبالغين”
إن الذكاء العاطفي هو قدرة الشخص علي تحديد عواطفه والتعبير عنها والتحكم فيها.
فلا تفترض أنك تعرف ما يريد طفلك فإذا كان طفلك لا يشتكي فقد تعتقد إنه سعيد.
أحيانا تشعر بالسعادة وإنك ناجح لأن طفلك لا يقوم بنوبات غضب في الأماكن العامة، فتشعر أنك أب ناجح؛ ولكنك تفتقر إلي جوانب شخصية طفلك، ولا تستطع تحديد نمطه.
فلكل طفل نمط مختلف فمن الأطفال النمط الحسي، ومنهم البصري، ومنهم السمعي، لكلٍ منهم أسلوبه وطريقة تعامله مع الأشخاص والمواقف، ومن ثَّم عليك أن تفهم نمط طفلك، وعليك أيضًا أن تتعرف علي خصائص المرحلة العمرية التي يمر بها طفلك لتسطيع وضع خطة للتعامل معه.
وهذا ما سوف نتحدث عنه في مقال آخر بإذن الله.