بقلم _سعاد مباشر _
“هذا الإنسانُ بيّتُ ضيوف”
عجيبةٌ هذه الجملة، وماذا تعني يا تُري؟!
وأنا هُنا في هذا البيت، يُحيطُني الظلام من كل جهة، ظلامُ الداخل والخارج،لا أري شيئا ولا أتذكرُ متي آخِر مرةٍ شعرتُ فيها بفرح، ماذا تعني هذه الكلمة ؟
وما هذه السخافة ؟ أوسط كل ذلك الحطام يوجد فرح؟
ياللسخرية!
أشعرُ بالتعب، بالثقل يشدني لأسفل.
حزنٌ قديم، خذلان، خوف، غضبٌ من العالمين وعليهم.
وصنوف وألوانٌ من المشاعر.
أيُ فرحٍ هذا الذي تدّعون أنكم تعيشون؟ ومن تكونون؟
تردد الكلمةُ من جديد “هذا الإنسان بيتُ ضيوف”
أكادُ أُجَن! ما معني هذا؟ ومن الذي يُخبرُني بذلك؟
أنصرفُ بعدها إلي شئوني وأتشاغل، أُقلِّبُ في مجلةٍ فأجدُ شمسًا مُشرِقة، وفتاةً سعيدة أو تبدو كذلك، ترتدي قبعة وتضحكُ بمرح وتجري علي الشاطئ.
تُري بماذا تشعُر أو كيف تعيش؟
عُدتُ هذا اليوم بعدما أنهيتُ أعمالي وآويتُ إلي نفسي وفراشي.
“هذا الإنسانُ بيت ضيوف” تركت الصوت ليكون فقد اعتدتُ عليه، أغمضتُ عيني لأستريح، وإذا بنورٍ قادم من بعيد، دافيء ومريح تنفست… تنفست من عمق أعماقي.
وإذا بالنورِ يَنبُعُ مِن بُقعتينِ بداخلي، في منتصف صدري تضيئُ بقعة وتتسعُ وتكبُر فوقَ رأسي كأنها زهرةُ لوتس تتفتح، وقد صُبَّ من خلالها النور إلي كُلي، فصِرت أضىء كشمس ، وشعرت براحةٍ وسكينة ،ومن ثم.. فرحة!
ما هذا؟ أنا أشعر بالسعادة!
وسَمعتُ الصوتَ يقول هذه المرة بوضوح :
“هذا الإنسانُ هو بيتُ ضيوف، كل صباح يستقبِل زائرًا جديدًا، بهجة، إحباط، ولحظة وعي تأتي كزائرٍ غيرَ متوقع!
استقبلهم واعتني بهم جميعا حتي وإن كانوا حشدًا من الأسي يجرفون بعُنف كل أثاث منزلك، وعامل كل ضيف باحترام فربما هُم ينظفون لك البيت لاستقبال فرح جديد”
استيقظتُ في الصباح أشعرُ برضا عجيب، وقُمتُ للنافذة فتحتها، ودخلت الشمس وغُمرتُ بالحياة.
ثم فتحتُ هاتفي ووجدت علي أحد مواقع التواصل منشورًا لأحدِهم” هذا الإنسان بيت ضيوف…. ”
نقلاً عن جلال الدين الرومي.
اندهشت وانتشيت أغلقتُ الهاتف وعُدتً لحياتي ، وأنا أعلمُ أني بيت واستعددت لإستقبالِ كل الضيوف.
لقد كان النورُ دومًا موجودا، ولن أنسي بعدَ ذلك فتحَ النوافذ.