«المحاضرة»… كتب/ نورهان الطاهر
مرحبًا،
في البداية يجب أن أعرف نفسي.
ولكن أن يكون لك اسمٌ واحدٌ يعرِفُكَ بسهولةٍ؛ لهذي رفاهيةُ ليست متاحةً للجميع.
أنا هنا اليوم لأتحدث، فقط لأتحدث بصفتي إنسانٍ؛ ليس شيئًا آخر،
لن ألقيَّ مُحاضراتٍ ولن أدفعكم من الهاوية؛ لتطيروا كأفراخ النسور الجامحة،
ولن أوقد شعلةَ الحماسِ المدفونةِ بين ضلوعكم.
اليومُ سنقراءُ معًا تاريخ الندبات والنتوئات.
سنتحدث في.. كم عمرك من الخيبات؟
كم تساقط من شعرك في الملمات، وكم تاريخ تحفظك من الموجعات؟!
اخلعوا عنكم رداءَ أن(كُلَّ شئٍ علي ما يرام)،
في الواقع لا شئَ علي ما يرام؛ كيف علي ما يرام وأنا أرى الجروحَ تسبحُ في كفوفكم، أنينَ الروحِ تصطكُّ به أسنانكم، والمقل تغرق؟!
نحن جميعا لسنا بخيرًا،
لو اغمضت أذنك في المساء؛ ستسمع أنّات الصامتين، نحيبَ بسمات الضاحكين، وتوسلات عجز الساهرين،
أنا أرانا في كل مكان، اشتم اِحتراق الارواح الساهرة في ندي كل صباح.
فقط كُفُّوا!
يكفي كل هذا الإصطناع؛ لن يعيبكم الضعف والإنهيار،
اِنهاروا لترتاحَ أوصالكم ويبرد غليان دمائكم.
أعزائي، أنتم بعمر قطرات المطر وليدة السماء حديثًا، وأنا بعمر الأرض الساقطة عليها.
وأقول لكم..
لا تسمحو بسلب حقكم في الانهيار،
لا تستمروا إن وجدتموكم ضللتم الطريق،
أعطوا الحُزنَ قداسته ولا تسطوا عليها،
أحسنوا استضافة العبرات؛ فأنها ضيفٌ كريم،
انزعوا عنكم ضماد الجروح ودعوا شمسَ النهار الجديد تُرمِمُّ أوجاعكم.
مهلا، اسمع نشيجًا..
جيدًّا، من يريد التحدث أولًا؟!
رويدًا، رويدا؛ كلا سيأخذ دوره.