بقلم- مودّة ناصر
“آن الآن موعد اقلاع طائرة الأمانيّ إلى مدينة الخُلد المُبتغاه، حسب التوقيت الخيالي لدنيانا القاهرة، وعلى السادة الركاب التحرر من قيود أفكارهم وإطلاق الحرية والاستئناس بصفاء أذهانهم.”
هكذا وقع السمع على أذني وبالأحرى عقل قلبي، لم يكن مجرد إقلاع ولم يكن الوصول مُبتغاي. أتساءل دائمًا هل متعة الرحلة في الوصول أم في الطريق ذاته؟، أما الآن، فأنا عالقةٌ بين بين. تُحيطني زُرقةٌ صافية لنقاءٍ أبيض يحتضن بعضه بعض.
قرص الشمسِ لاح لي مُهلل الأسارير بُرتقاليّةً وذهبية، وأخيرًا قد التقينا. مرت بضع دقائقٍ خفيفات وقد التقيت بلؤلؤاتي اللامعات، إنهنّ نُجومي الصغيرات في لياليّ القاحلات. أَخبرنني بكل الحكايات التي كنت أقصصها عليهن، لم ينسينَّ شيئًا وأسرني ذلك، ها أنا قد اهتم لأمري احدٌ وأحسن إلى شكواي.
زاد اقلاع الطائرة عمقًا، لا أعلم بأي سماءٍ أكون الآن. برهة وقد شعرت بأني ممتلئةٌ بالطيب والونس، رحل الحنين بعد احتلال طويل. لقد تجلى لي وجه الأحبة الذين سبقونا بإيمان، تذكرت الأقاويل الطفولية التي علمونا إياها حينما نُسأل عن راحلٍ فنشير إلى السماء قائلين “راح عند ربنا فوق في السما” ها قد التقينا، ولم أكن أعلم أن السماء كريمةٌ لحدٍ يُجمِّل ساكنيها فتُضفي عليهم من نورها ونقاها.
“أهلا بكِ مازال بيننا لقاء” قرأتها على نواقيسٍ من نور بين السحاب، إنه دعائي المُعلق في السماء ينتظر مشيئة صاحب الأقدار. يمضي الوقت سريعًا وتمضي نفسي بخفة، إنه لقائي الأول بـ”الحرية” والله إن ثمنكِ نفيسٌ لا يقدّر كوقعكِ في النفوس تمامًا.
“على السادة الركاب استحضار أنفسهم، والتماس اللطفِ والامتنان لوصولنا إلي أرض الأماني بأمان”
هكذا انتهت رحلة الاقلاع وأوشكنا على الوصول، تُري ماذا أريد من جمالٍ بعد ذلك الطريق؟ ومازلتُ أتساءل أين تكمن المتعة هل في الوصول أم الطريق؟ حيثما كان الجواب لا يهم. عزيزي المُسافر، مرحى بك ومزيدًا من رحلاتٍ كهذه.
أسرتني صُحبتك.