كتبت أماني عز الدين
حين استيقظت من نومها وكان الليلُ لا زال لم ينقضِ، وجدت أن الغرفةَ غارقةٌ في الظلام، مدت يدها مسرعة إلي زر الضوء وضغطته بعصبية؛ لكن الغرفة لازالت مظلمة. يبدو أن التيار قد اِنقطع، كانت أسوء كوابيسها منذ أن كانت صغيرة؛ هو الظلام. حتي أنها لم تكن تخشي شيء في حياتها غيره، تعتبره عدوا لدودا يتربص بها..
بالتأكيد أن هناك سببًا لهذا الرعب الغير مبرر من الظلام؛ لكنها لم تحاول أن تكتشفه. إزداد إحساسها بالرعب؛ حين شعرت بعجزها عند مغادرة فراشها -كأنها فقدت القدرة علي الحركة- فشدت غطاءها واندثرت به، ثم خبأت وجهها بكلتا يديها، كطفلة صغيرة تخشى أشباح الظلام. ولم تكتفِ بهذا بل أغمضت عيناها بإحكامٍ شديد؛ تبتهل إلي الله أن يعود الضوء إلي الغرفة.
وليكتمل المشهدُ من حولها كفيلم رعب قديم. في حين لمحت بريقًا يلمع للحظات ثم اختفى ليدويَّ من بعده صوتُ رعدٍ قويٍّ يتزلّزلّ منه قلبها لشدته.
حاولت أن تتمالك نفسها، تستجدي آخر ذرة قوة في داخلها. وتقوم لتشعل شمعةً؛ لكن العتمةَ كانت تلِفُ كل أرجاء الغرفة، فلا تكاد تتبين أطراف أصابعها من شدة الظلام، إلى هذا الحد يتملكها الرعب، يسكنها ويعربد بين ثناياها ويلتهمها بكل نهمٍ.
أكبر مخاوفنا هي تلك التي تسكننا، لا تلك التي تحيط بنا.
فجأة يعود الضوء إلي الغرفة؛ فتشعر وكأنها قد عادت للحياة.
إلا أنها لا تستطيع أن تُبقي عيناها مفتوحةً. فبرغم الضوء إلا أنها شعرت أنها عاجزة -أيضًا- عن الرؤية. فما كان منها إلا أنها أغلقت عيناها مسرعة بعد أن تبين لها أنها مابين العتمة وبين الضِياء؛ نقف عاجزين عن الرؤية، أدركت أن هناك ضياءً يشبه العتمة؛ فالرؤيةُ حينها لا تكون واضحة..
كنت استمع إليها وهي تتحدث عن ليلتها الغير سعيدة بل المرعبة. لينتابني ذلك الخاطر الغريب، في حياتنا قد تأخذنا بعض المواقف إلى هناك حيث نقطة اللا وضوح، نقف لا نستطيع التمييز ما بين عتمة -تحجب عنا الرؤية- وضوء يسطع يصيب العين بما يشبه العَمى، في تلك اللحظات أجد تلك المقولة هي الأقرب للحقيقة والتي يجب أن نتخذها منهاجًا للحياة:
«حين نحتمي بالعقل نهزم مخاوفنا.»
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية