بقلم -مودّة ناصر
أحبكِ وأبغضكِ في آنٍ واحد، يا تجديد الفرحِ والشجَنِ والحنين. انتِ تجسيدي بأطواري، بأعماري، وميثاقُ الأيام والسنين. توثقين الحقيقة -التي ليست بحقيقةً دائمًا-، فأحيانًا أجملُ مما تستحق وأحيانًا أسوأ مما نظن.
علاقتنا ليست جيدةً ولستُ آسفةً أو ربما -حقيقةً- أنا آسفة جدًا. لأنني أدركتُ مؤخرًا أن الذاكرة -وحدها- ليست ميراث ذكرى كافٍ، فحينما رحل الأحبة وغادرتنا بضع سنين؛ أغمضت عيني وسبحتُ في تخيُّلِ ملامح وجوههم واستذكار الأيام التي ضمت شملنا، لأنكِ كنتِ مفقودة. ويبدو أن صراع الحزن والشوقِ كان حائلاً قويًا ومُحزنًا ليحول عن فكري تلك التفاصيل التي أشتاقُها الآنَ وأفقدُ عبق وجودِها.
أُقدّسُ اللحظة فأعيشُها وفقط، أعيشُها مرةً واحدةً وتسرقُني نشوةُ الحالةِ فلا أوثقها وأظلُ أشتاقُ وأشتاق، وكأننا يا عزيزتي كُتِب علينا شقاءُ الاشتياق. شوقٌ للأحبة والذكرى والزمانُ والمكان. أبثُكِ ندمي للأنني أدركتُ أهمية وجودكِ بعد فواتِ الأوان.
فيكِ تفاصيلٌ وتفاصيل، ربما في العمر بقيةٌ لأحرص على صُحبتك، ولكن ما الفائدةُ بعد غيابِ أصحابِ العُمر المحببون؟
أنا أكبُر يا عزيزتي ومازلتُ أنسى أن أُشارككِ اللحظة، أشعرُ أنني سرقتُ عمري مني، حانقةً مني ومن نسياني.
وددتُ لو أنني اصطحبتكِ في آخر اللقاءات وأسعد المناسبات، ووقت فرحي والانتصارات..
لتُذكِريني دائمًا بكِ فيما بعد، لعل في عمري بقية فأكتنز بعضًا من اللحظات؛ فأوريها أولادي وأنا فخورة بماضيَّ وأثري.
وددتُ لو أن وجودكِ لا يبعثُ شجنًا أبدًا، وإنما فرحًا دائمًا.
لتُسامحيني في لحظاتِ نشوتي وغفلتي، ولتسمحي لطيف الذكرى أن يعبُرَ بخاطري.
أما الآن، فأنا نادمةً وأحبكِ.
مع حبي وحنيني.
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية