بقلم: نادرة سمير قرنى
إن المتتبع لأخبار الحوادث فى الصحف المصرية والبرامج التليفزيونية يلاحظ كم الجرائم التى تركز عليها الصحف والكثير من البرامج التليفزيونية لجذب أكبر عدد من المتابعين لهذه الصحيفة أو لهذا البرنامج, وهو ما يجعلنى أتساءل لماذا نلقى دائماً الضوء على كل ما هو سلبى فى المجتمع؟؟؟؟؟؟؟؟؟ لماذا لا ننظر للجوانب المضيئة فى المجتمع؟؟؟؟؟؟؟؟ لماذا لا نهتم بالبحث عن المبدعين والمبتكرين وننشر أخبارهم بدلاً من نشر أخبار الحوادث والجرائم التى تحدث كل يوم بمجتمعنا المصرى, وإن كانت الجرائم تحدث فى كل بلدان العالم حتى دول العالم الكبرى والمتقدمة يحدث بها جرائم أكثر سوءاً وبشاعة من التى تحدث بمجتمعنا المصرى, ولكن الكثير من هذه الدول لا تنشر هذه الأخبار السيئة, إنها تنظر للجوانب الإيجابية لا السلبية, إنها تحاول النهوض والتقدم لا التأخر والرجعية.
إن نشر أخبار الحودث هذه كان لها أكبر مردود سىء على مجتمعنا, حيث صارت هذه الأخبار سيناريوهات جاهزة يحاكيها المجرمون واللصوص فى جرائمهم اليومية, حيث تهتم الصحف بنشر كافة تفاصيل الحادث أو الجريمة وكأنها تقدم للمجرمين سيناريو جاهز لينطلق منه إلى جريمة جديدة كل يوم, ليس هذا فحسب فقد صرنا نسمع كل يوم تقريباً عن قصة لابن عاق يلقى بأمه خارج المنزل دون أدنى شعور بحقها عليه, كذلك لجأت الكثير من البرامج التليفزيونية إلى الاهتمام بعرض هذه الجرائم وملابساتها على التلفاز, والسؤال الذى يطرح نفسه هل نشر مثل هذه الأخبار هو العامل الأساسى لزيادة أعداد قراء الجريدة أو متابعى البرنامج التليفزيونى…إذن أين الالتزام بميثاق العمل الصحفى؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
فقد توصل العالم النفسي ألبرت باندورا من خلال “نظريته التعلم” إلى أن السلوك العدواني والعنيف هو سلوك متعلم من خلال مشاهدة نماذج منه عبر وسائل الإعلام والأسرة والأقران، وتعد وسائل الإعلام حسب هذه النظرية من أهم مصادر اكتساب السلوكيات العنيفة لدي الطفل حيث يتأثر الأطفال بما تبثه وسائل الإعلام من مشاهد عنيفة حيث يقوم الطفل بإعادة إنتاجه لذلك السلوك العدواني إما على ذاته أو أقرانه عن طريق التقليد.
وعليه تؤكد هذه النظرية أن مشاهدة مشاهد العنف والجرائم من خلال وسائل الإعلام المرئية لديه القدرة على تعلم السلوك العدواني من خلال ما يعرض من مضامين وبرامج, وأن مشاهدة مثل هذه المشاهد تزيد من احتمال تعلم السلوك المنحرف، وقد أكد مؤسسى هذه النظرية على أنه باستطاعة الفرد تعلم وتقليد سلوك الشخصيات العدوانية التي تقدم له كنماذج يُقتدي بها, وذلك بالتقليد والتعلم الاجتماعي.
إذن لماذا لا تتجه الصحف المصرية للتخلى عن نشر مثل هذه الحوادث والجرائم, لماذا لا تستبدل مثل هذه الصفحة بصفحة عن تلقى الضوء عن المبدعين والمبتكرين من أبنائنا, لماذا لا نبحث عن هؤلاء المغمورين ونعطيهم حقهم فى أن يعرف الجميع بما وصلوا إليه من تقدم وفكر, لعل تكون ذلك خطوة لتبنى إحدى المؤسسات لابتكاراتهم وأفكارهم المبتكرة, إلى متى سنظل فى غفلة عن الجوانب المضيئة فى حياتنا, لدينا أطفال صغار فكرهم ومستواهم الدراسى يسبق أعمارهم يحصلون على جوائز عالمية ومنح دولية فى كافة مجالات العلم ولا نعلم عنهم شىء, أين سنفكر بشكل إيجابى, متى سننظر لمجتمعنا نظرة تستحق التقدير والإحترام؟؟؟؟؟؟؟