بقلم د _ عيد علي
اختلفت الأراء وتبارت الأقلام للوقوف على حقيقة الشك فتباينت الأحاديث وانثرت الأقاويل بمداد الكتاب والمفكرين وراء ذلك السر الغامض
تعالوا بنا نسرد في بعض السطور بعضا من هذه النماذج القاتلة لعلنا نقف على حقيقة الشك
قد يتبادر إلى ذهنك منذ الوهلة الأولى أننا نتحدث عن شك الزوج للزوجة او شك الزوجة للزوج نعم أصدقكم القول بأنه من أكثر النماذج شيوعا ولكننا نغوص إلى ما أبعد من ذلك.
لو عرف الشاك ما للمشكوك عنده من يد، وما أسدى إليه من نعمة لأنزله من نفسه منزلة الأوفياء المخلصين،
ولَوقفَ بين يديه تلك الوقفة التي يقفها الشاكرون بين أيدي المحسنين.
شك المرض هو أخبثهم على الإطلاق فعندما يشك المرء في ابتلائه بمرض ما نجده يستسلم لهذه الفكرة حتى إذا تمكن منه أرداه قتيلا
من منا لم تراوته ولو لمرة واحدة إصابته بالفيروس الفاتك المسمى كورونا فلو تمكن منه الشك فلن يكون مصيره إلا المرض
لا يزال صاحب النعمة ضالاً عن نعمته، لا يعرف لها شأناً، ولا يقيم لها وزناً
وهناك الشك الذي هو سجية بعض البشر والذي يورد صاحبه مورد الهلاك وإن كان أقلها فقدان السعادة والثقة بالذات والذي حتما ما يَدُلَّه الشك بنكرانها، ويرشده إليها بتحقيرها، والغض منها، فهو الصديق في ثياب العدو، والمحسن في ثياب المسيء.
أنا لا أعجب لشيء عجبي لهذا الشك الفاتك
هذا ويأخذ الشك صاحبه إلى سجية النقمة
فينقم على من يشك فيه وهو لا يعلم أنه في هذه النقمة، وفي تلك الأمنية قد أضاف إلىه نعمة هي أفضل من كل ما في يديه من النعم.
شك أحد الزوجين في الأخر مع مرور الوقت ينمو وينمو حتى تكون نهايته قتل أحد الزوجين للأخر.
وجهُ الشاك ميزان النعمة ومقياسها، فإن أردت أن تزن نعمة وافَتْكَ فَارْمِ بخيرها في فؤاده ثم خَالِسْهُ نظرةً خفيفة؛ فحيث ترى الكآبة والهم فهناك جمال النعمة وسناؤها.
ليس بين النعم التي ينعم بها الله على عباده نعمةٌ أصغر شأناً، وأهون خطراً من نعمة ليس لها شاك
فإن كنت تريد أن تصفو لك النعم فَقِفْ بها في سبيل الشاكرين، وألقها في طريق الناقمين،
فإن حاولوا تحقيرها وازدراءها فاعلم أنهم قد منحوك لقب المتفائلين فليهنأ عيشك، ولِيَعْذَبْ موردُك.
إن أردت أن تعرف أي الرجلين أفضل فانظر إلى أكثرهما نقمة على صاحبه، وكلفاً بالغض منه، والنيل من كرامته، فاعلم أنه أصغرهما شأناً، وأقلهما فضلاً.
وتيقن مما يحيك في صدرك ولا تخف من زوال النعمة حتى تزول.
قد جعل الله لكل ذنب عقوبة مستقلة يتألم لها المذنب عند حلول أجلها؛
فالشارب يتألم عند حلول المرض،
والمقامر يتألم يوم نزول الفقر،
والسارق يتألم يوم دخول السجن.
أما الشكاك فعقوبته حاضرة دائمة، لا تفارقه ساعة واحدة.
إنه يتألم لمنظر النعمة كلما رآها، والنعمة موجودة من الموجودات الثابتة التي لا يلم بها إلا التنقل من مظهر إلى مظهر، والتحول من موقف إلى موقف؛
فهيهات أن يفنى ألمه، أو ينقضي عذابه؛ حتى تقر عينه التي تبصر، ويسكن قلبه الذي ينبض.
ولا أحسب أنه ينفق من وقته ومجهوده في هذه السبيل أكثر مما ينفق من ذلك الغض منه والنيل منه.
فإن بلغ من ذلك مأربه فذاك، وإلا فحسبه أنه ملأ فراغ حياته بشؤون لولاها لقضاها بين الشك الفاتك، والكمد القاتل