القاهرية
العالم بين يديك

الحدس الداخلي

151

سهام سمير
إذا سمعت صوتا داخليا، لا تعرف مصدره، يحدثك عن خطر يقترب منك، أو سم فى العسل.ماذا تفعل؟
أغلبنا لا ينتبه لهذا الصوت، بل يهمله ويتجاهله، رغم أن الأيام تثبت صدق الصوت.
لا نعرف هل نحن نتجاهله لضعف الصوت؟ أم لعدم الثقة فى صدقه؟
بعيدا عن تأثير الصوت، يشبه البعض على الحدس الداخلي:شفافية أو بصيرة فنجد هنا أن التأثير قد يمتد لينير الحدس لنا طرقا مظلمة أو يمهد سبلا وعرة.
لكن ما يوهن هذا الصوت ويضعف تأثيره هو الشك!
أحيانا لا تواتينا الثقة في هذا الحدس، ما يجعل البعض منا يتجاهل هذا الصوت أو يكتمه ليصير بلا رأي، وإن حاولت أن تستعين به فيما بعد لا يستطيع إرشادك، إما أن نستخدمه على إطلاقه فهو أيضا شيء مرهق، فليس كل ما نتمنى حدوثه ونوهم أنفسنا بأن قلبنا مرتاح له، يصب في مصلحتنا، وعلى هذا الأسلم أن نفعل خاصية العقل والمنطق، التي تجعلك تبحث عن أجوبة منطقية لأسئلة ملحة، وعليه تأخذ قرارك بكل راحة وثقة مستندا لحدسك الداخلي ومطمئنا بكونه مرشدا ودليلا لك.
غالبا ما يركز أصحاب الحدس الداخلي، على المستقبل، فيرتبط لديهم بتوقع ما سيحدث، ليس تنبؤ بالمستقبل أو علم الغيب لكنهم مشغولون بفك الألغاز، ويعجبهم أن يتوقعوا على سبيل المثال مسار حلقات مسلسل ما، أو نهاية فيلم درامي، ويسمونه حدس داخلي أو أنهم أحسوا من سير العمل ما سيحدث.
يتمتع المؤمنون بفاعلية الحدس أو الصوت الداخلي بمعجزاته، ويترجمون من خلاله أحاسيس ومشاعر قد تبدو مبهمة وغامضة لكنها بالنسبة لهم كتاب مفتوح.
عوامل قد تساعدك على تقوية الحاسة السادسة ومن ثم الحدس عندك، من هذه العوامل:
التأمل وإعطاء لنفسك الفرصة للراحة وسماع أصوات الطبيعة وممارسة بعض الفنون مثل الرسم أو الكتابة إن وجدت هذه الموهبة عندك، كلها عوامل تساعدك على الوصول للإحساس بالأشياء كما تحدث.
وقد تكون مهارة تمكنك من فهم أشخاص بعينهم، أو تصرفات ومواقف تمر عليك، لكنك لا تمر عليها مرور الكرام كالباقي.
من الوصفات الساحرة التي تعينك على التواصل مع ذاتك وسماع صوتك الداخلي بنقاء ودون مشوشات عليه، أن تمارس التأمل، وتكتب باستمرار في دفتر يومياتك ما تصادفه في يومك، حتى وإن كانت أشياء غير منطقية وكلام غير مرتب، ثم تصم أذنك عن صوت الناقد الداخلي لك، وتسمع لصوت حدسك.
العقل يمنطق الأمور  كلها، وعادة يبحث عن إجابات لأسئلة تشغله، لكن الروح ترى ما بعد الأمر، وترى من خلاله، وتستشف.
وأحيانا نجد أنفسنا فهمنا أمرا ما دون التفكير فيه، هذه هي الروح التي تفهم بدون كلمات.
قد تتساءل الآن عزيزي القارىء:
لماذا هذا الاهتمام بالحدس الداخلي؟ وما إضافته لك؟
ببساطة حين تصمت الأصوات الأخرى النشاز القائمة على التنافسات والتبريرات والغضب وتسمو بروحك إلى حيث الوصول لجوهر ذاتك الحقيقي، حينها فقط تتفهم وتقبل الناس على اختلافاتهم وتقدر وتعذر من يخطىء وتسامح عن عفو حقيقي وغياب تام للكره والحقد.
أكثر ما يريد معظمنا، أن نصل لمرحلة السلام الداخلي والهدوء وأن نعيش الحياة دون مهاترات ودخول في مشاحنات وجدال، وهذا ما يفعله صوتنا الداخلي إن أصغنا السمع له وأنصتنا جيدا.

قد يعجبك ايضا
تعليقات