القاهرية
العالم بين يديك

هدية أم

137

بقلم رانيا ضيف

تمر الأيام باردة ثقيلة خاوية من الروح والحياة، فقيرة الدفء والحنان، يملأ الصمت أرجاء المكان . ليكسر هذا السُبات جرس الباب .
وبخُطى متثاقلة يفتح الأب الباب ليجد أمامه أحدهم بيده زهور بديعة يحمل جمالها ورقتها شيئا من عبق الماضي ومعها علبة صغيرة كأنها هدية وبطاقة رقيقة .
فينظر الأب للرجل الذى يُجيب بدوره نظرات الأب المتسائلة قائلا : لا أعلم أي تفاصيل سوى أن سيدة طلبت مني أن أحضر هذه الهدية لعنوانكم فى هذا التاريخ .
وأعطى الأب باقة الزهور والهدية وانصرف .
تأتى بنت فى ريعان الشباب قد أثقل الحزن والأسى والشوق كاهلها، تنظر لأبيها مندهشة متسائلة ما هذه الزهور ؟وما هذه العلبة ؟
تمد يدها لتأخذ العلبة من والدها وتفتحها، لتجد دلاية سلسلة ذهبية مطبوع عليها صورة والدتها تأخذ الصورة قلبها وتتعالى أنفاسها وتدمع عيناها، تقرأ البطاقة المرفقة التى كُتب عليها؛
ابنتي الحبيبة
باقي ٦ أيام لتبدأي عاما جديدا، كان لابد أن أكون أول من يهنيئك بعيد ميلادك، كل عام وأنتِ بخير حبيبتي، اطمئني علىّ فأنا بخير، ولكن سأكون أفضل إن تركتي الحزن، كوني سعيدة واعتني بنفسك لأجلي .
والدتك حبيبتك .
انتابت البنت مشاعر مختلطة مرددة أمي أرسلت لي هدية، أمي تهنيئني بعيد ميلادي،
وانخرطت فى البكاء من فرط السعادة والشوق والاحتياج
تسمر الأب مكانه وقد كسا الحزن والشوق ملامحه،
تصارعت أفكاره مع أنفاسه، أيعقل أن زوجته فى أثناء مرضها، وبكل ما تعانيه من آلام فكرت فى ابنتهما وخططت ورتبت لهدية عيد ميلادها وهي في المشفى تصارع المرض ؟!
أكانت تشعر أنها سترحل عن الحياة قبل هذا اليوم ؟!
كأنها أرادت أن تكون حاضرة وتضع بصمتها وتحتفل معهما وتسعدهما كما اعتادا منها !
أرادت أن تشعرهما، أنها بالجوار وأنها تراهما وتعمل على إسعادهما .
جلس الأب بجوار ابنته فاجتذبها لحضنه متحسسا شعرها يكفكف دموعها قائلا:
والدتك بخير وتشعر بك وتريدك بخير
كوني بخير يا حبيبتي لأجلنا .

قد يعجبك ايضا
تعليقات