إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثانى مع الصحابى الجليل وكاتب الرسول حصين بن نمير، وقد توقفنا معه وكان في عهد يزيد بن معاوية كان قائدا على قسم من الجيش، وفي واقعة مسلم بن عقيل فقد سلطه غبيد الله ابن زياد، على دور أهل الكوفة، ليأخذ مسلم ويأتيه به، وهو الذي أخذ قيس بن مسهّر رسول الحسين رضى الله عنه، فبعث به إلى ابن زياد فأمر به فقتل، وهو الذي نصب المنجنيق على جبل أبي قبيس ورمى به الكعبة وذلك لمّا تحصّن منه ابن الزبير في المسجد الحرام، وهو قاتل سليمان بن صرد أثناء ثورة التوّابين، وقيل أن أبوه تميم بن أسامة، وهو الذي سأل أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه، عن شعر رأسه بعد قوله رضى الله عنه “سلوني قبل أن تفقدوني” وفي عهد يزيد بن معاوية فقد شارك في الهجوم الذي أمر يزيد بشنّه على المدينة المنورة، وقد مات حصين بن نمير في عام ثمانى وستين من الهجرة، وكان ذلك متأثرا بجراح.
قد أصابه بها إبراهيم بن الأشتر في الواقعة التي جرت على ضفاف نهر الخازر، وجاء في بعض الأخبار أنه أخذ رأس حبيب بن مظاهر بعد مقتله وعلقه في رقبة فرسه ودار به في الكوفة مفتخرا، فكمن له فيما بعد القاسم بن حبيب وقتله ثارا لدم أبيه، وجاء في مصادر أُخرى أنه قتل على يد أصحاب المختار الثقفي عام سته وستون من الهجرة، قرب الموصل في وقت حركة المختار الثقفى، والحصين بن نمير قد ذكره ابن إسحاق في المغازي في غزوة تبوك، فقال، ولما كان من هَم المنافقين أن يزاحموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثنية وإطلاع الله تعالى نبيه على أمرهم، فذكر الحديث في دعائه صلى الله عليه وسلم إياهم، وإخبارهم بسرائرهم، واعتراف بعضهم، فقال، وأمرهم أن يدعوا حصين بن نمير، وكان هو الذي أغار على تمر الصدقة فسرقه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم، ” ويحك، ما حملك على هذا؟
” قال حملني عليه أني ظننت أن الله لا يطلعك عليه، فأما إذ أطلعك الله عليه وعلمته فإني أشهد اليوم أنك رسول الله، وأني لم أومن بك قط قبل هذه الساعة يقينا، فأقاله رسول الله صلى الله عليه وسلم عثرته، وعفا عنه، لقوله الذي قاله، وقد روى البخاري في تاريخه من طريق يزيد بن حصين عن أبيه، قال شهدت بِلاَل خطب على أخيه فزوجوه عربية، وقال لم يصح سنده، وقيل ان الحصين بن نمير في جملة من كان يكتب للنبى صلى الله عليه وسلم وكذا ذكره العباس بن محمد الأندلسي في التاريخ الذي جمعه للمعتصم بن صمادح، فقال وكان المغيرة بن شعبة والحصين يكتبان في حوائجه، وقد قاتل الحصين بن نمير في موقعة صفين، وموقعة صفين هي المعركة التي وقعت بين جيش الإمام علي بن أبي طالب وجيش معاوية بن أبي سفيان في شهر صفر سنة سبعة وثلاثين من الهجرة، بعد موقعة الجمل بسنة تقريبا، وكانت على الحدود السورية العراقية.
والتي انتهت بعملية التحكيم في شهر رمضان من سنة سبع وثلاثين للهجرة، وكانت أسبابها هو عندما استلم الخليفة الرابع الراشد علي بن أبي طالب، بعد مقتل الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان، الحكم، فقد امتنع معاوية بن أبي سفيان وأهل الشام عن مبايعته خليفة للمسلمين حتى يقتص من قتلة الخليفة الثالث عثمان بن عفان ، فأرسل علي بن أبي طالب، جرير بن عبد الله البجلي إلى معاوية بن أبي سفيان يدعوه للمبايعة، وعندما قدم جرير إلى الشام، استشار معاوية عمرو بن العاص السهمي، فأشار إليه بجمع أهل الشام والخروج نحو العراق للمطالبة بالقصاص من قتلة عثمان بن عفان، وكان قائد قسم من جيش مسلم بن عقبة الذي استباح المدينة المنورة ثم قاد بقية الجيش عقب وفاة ابن عقبة المري وفق رغبة يزيد بن معاوية وحاصر عبد الله بن الزبير وضرب الكعبة بالمنجنيق، وأما عن مسلم بن عقبة بن رباح المري الغطفاني.
فكان قائد الجيش الذي أرسله يزيد بن معاوية في موقعة الحرة، ولاتوجد تفاصيل كثيرة عن نشأته و حياته وقد توفي وهو في طريقة إلى مكة المكرمة لقمع ثورة عبد الله بن الزبير، وهو قائد من الدهاة القساة في العصر الأموي، وقد أدرك النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وشهد صفين مع معاوية وكان فيها على الرجالة، وقلعت بها عينه، وولاه يزيد بن معاوية قيادة الجيش الذي أرسله للانتقام من أهل المدينة بعد أن أخرجوا عامله منها، وقد بلغ يزيد أن أهل المدينة خلعوه ولحقوا بعبد الله بن الزبير فجهز جيشا قوامه ستة آلاف مقاتل على رأسهم مسلم بن عقبة، وأمر يزيد مسلم أن يتكلم مع أهل المدينة فإن هم رفضوا استباح بلادهم لثلاثة أيام وقد أسرف مسلم في أهل المدينة قتلا فسماه أهل الحجاز مسرفا، ولزمه هذا الاسم حتى ليقال فيه مسرف بن عقبة، ثم رُفع القتل وأخذ ممن بقي فيها البيعة ليزيد، وتوفي بعد ثلاث أيام من غزوه للمدينة في طريقه إلى مكة.
وقد ورد عنه أنه قال “اللهم، إنه لم يكن قوم أحبَّ إليّ أن أقاتلهم من قوم خلعوا أمير المؤمنين، ونصبوا له الحرب، اللهم فكما أقررت عيني من أهل المدينة فأبقني حتى تقر عيني من ابن الزبير” وقد تولى إمارة الجيش بعد وفاته الحصين بن النمير السكوني الكندي، وقد قاتل الحصين بن نمير في ثورة التوابين، وثورة التوابين هي أول ثورة قامت بعد واقعة كربلاء بهدف الثأر للحسين وأصحابه الذين قتلوا هناك، وقد كانت بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي عام خمسة وستين من الهجرة، وهو الذى قتل حبيب بن مظاهر الأسدي وعلق رأسه على رقبه حصانه، وكان حبيب بن مظاهر الأسدي من أصحاب الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد شهد مع الإمام علي بن أبي طالب، جميع المشاهد التي حدثت إبّان خلافته، وكان هو زعيم بني أسد وكان عمره يوم الطف خمسة وسبعون عاما، وله ولد يسمى القاسم وهو الذى قتل قاتل ابيه لاحقا.
وكان يتردد على الإمام علي بن أبي طالب بعد كل حرب فيسأله عن موعد الشهادة خصوصا بعد أن رأى أصحابه قد سقطوا شهداء الواحد تلو الآخر في المعارك المتتالية فما كان جواب علي إلا أن الشهادة ستنالها يا حبيب، وكانت رسالة الحسين بن على رضى الله عنه معه، وكان فيها ” من الحسين بن علي إلى الرجل الفقيه حبيب بن مظاهر، أما بعد، ياحبيب فأنت تعلم قرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت اعرف بنا من غيرك وأنت ذو شيمة وغيرة فلا تبخل علينا بنفسك يجازيك جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ” ثم أرسله إلى حبيب، وكان حبيب بن مظاهر، جالسا مع زوجته وبين ايديهما طعام يأكلان إذ غصت زوجته من الطعام فقالت الله أكبر يا حبيب، الساعة يرد كتاب كريم من رجل كريم، فبينما هي في الكلام وإذا بطارق يطرق الباب، فخرج إليه حبيب وقال، من الطارق؟ قال، أنا رسول وقاصد الحسين إليك فقال حبيب، الله أكبر صدقت الحرة بما قالت.
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية