كتب – حمادة توفيق
الحلقة الرابعة
هناكَ عنوانٌ لفيلمٍ تلفزيونيٍّ أعدَّهُ القسُّ (مايك إيفنز) عنوانُهُ: (إسرائيلُ مفتاحُ أمريكا إلى النجاةِ)، ومايك إيفنز هو صديقُ (جورج بوش الأب) والذي يحتلُّ مكانةً بارزةً في الحزبِ الجمهوريِّ والذي يتحرّكُ لتأييدِ مرشّحي اليمينِ الأمريكيِّ الجديدِ المؤيدِ بقوةٍ لإسرائيلَ، أمثالَ ريجان وبوش.
يقولُ الراهبُ ويكرسون في كتاب (النبوءة والسياسة): ” إن مايك إيفنز يهوديٌّ تنصّرَ من أجلِ مساعدةِ شعبهِ، ولكن هذا لا يعني أنه يذهبُ إلى إسرائيل ويحاولُ تنصيرَ اليهودِ، لا شيءَ من ذلك على الإطلاقِ، يريدُ أن يُظهرَ لإسرائيلَ ولليهودِ أننا نحبهم وأننا نقف إلى جانبهم، ويريدُ أن يعربَ لهم من خلالِ وجودِنا ومن خلالِ هدايانا عن حُبِّنا الكبيرِ، لم يعانِ أحدٌ في العالمِ ما عانى اليهودُ، واللهُ يقولُ لنا: (إنّه يباركُ أولئكَ الذين يباركونَ اليهودَ).
ويُردِّدُ إيفنز دومًا قوله: ” إنّ اللهَ يريدُ من الأمريكيينَ نقلَ سفارتِهم من تلِّ أبيبَ إلى القدسِ، لأن القدسَ هي عاصمةُ داودَ، ويحاولُ الشيطانُ أن يمنعَ اليهودَ من أن يكونَ لهم حقُّ اختيارِ عاصمتهمْ، إذا لم تعترفوا بالقدسِ ملكيةً يهوديةً، فإننا سندفعُ ثمنَ ذلك من حياةِ أبنائِنا وآبائِنا، إنّ اللهَ سيباركُ الذين يباركونَ إسرائيلَ وسيلعنُ لاعنيها “.
وأما الفيلمُ الذي أعدَّهُ إيفنز يقدمُ التأكيداتِ السياسيةَ حولَ أهميةِ إسرائيلَ بالنسبةِ للولاياتِ المتحدةِ ويقولُ: ” إذا تخلتْ إسرائيلُ عن المناطقِ التي تحتلُّها بصورةٍ غيرِ شرعيةٍ فإن اللهَ سيدمرُ كلًا من إسرائيلَ والولاياتِ المتحدةَ “.
ويختتمُ إيفنز الفيلمَ بنداءٍ إلى المسيحيينَ لدعم أفضلِ صديقٍ لأمريكا في ذلك الجزءِ من العالمِ.
خلال التوقيع على (إعلان مباركة إسرائيل) وبين العامين 1984م و1985م يُعرضُ الفيلمُ على 250 محطة تلفزيونية، وأُعيدَ النظرُ فيه باعتمادِ ممثلينَ محترفينَ خلالَ صيفِ 1985م.
وفي يناير 1985م دعا ريجان جيمس بيكر وجيمس سواجارت وفولويل وإيفنز للقائه بصورة شخصية، وأعرب لهم عن إيمانه بأنّ أمريكا على عتبةِ يقظةٍ روحيةٍ وقال: ” إنني مؤمنٌ بذلك من كلِّ قلبي، وإنّ اللهَ يرى أُناسًا مثلي ومثلَكم في صلاةٍ وحبٍّ نبتهلُ إليه فيها إعدادَ العالمِ لعودةِ ملكِ الملوكِ وسيدِ الأسيادِ “.
وملك الملوك وسيد الأسياد الذي يقصده ريجان ليس إلا ملك اليهود المنتظر ومسيحهم الدجال الذي ينتظرونه.
ويقول إيفنز إن اليهود الإسرائيليين أخبروه عن خططهم لغزو لبنان قبل يومين من حدوثه.
ويقولُ: ” لقد صليتُ مع رئيسِ الوزراءِ بيجين لمدة 24 ساعة مباشرةً بعد غزوِ لبنانَ، في عامِ 1982م “.
هكذا وصل الحلف الإسرائيلي المسيحي الأمريكي إلى مرحلة خطرة تنذر بكارثة نووية، إذا ما علمنا مقدرة إسرائيل النووية وما كشف عنه تقرير لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية كُشِفَ في عامِ 1986م جاء فيه: ” إنّ تلَّ أبيبَ قادرةٌ على إنتاجِ أجهزةٍ نوويةٍ من دونِ ضجةٍ، وإنّ إسرائيلَ تملكُ ما بين 12، 20 قنبلةً نوويةً “.
وأصبحت الولايات المتحدة متورطة بتزويد إسرائيل بالأسلحة الحربية والنووية أيضًا، حتى إنّ إسرائيلَ تهددُ الولاياتِ المتحدةَ بها، وهذا ما أوضحه الدكتور لومسكي: ” إنّ سلاحَ إسرائيلَ السِريَّ ضدَّ الولاياتِ المتحدةِ بصورةٍ خاصةٍ وضدَّ العربِ بصورةٍ عامةٍ هو أنها يمكن أن تتصف كدولة متوحشة خطيرة على جيرانها غير طبيعية قادرة على إحراق حقول النفط أو حتى البدء بحرب نووية “.
وفي كتابه (المثلث القدري الولايات المتحدة وإسرائيل والفلسطينيون)، يقول مؤلفه البروفسور اليهودي الأمريكي نعوم كومسكي: ” التهديد كان موجهًا إلى الولايات المتحدة، الإشارات الإسرائيلية ستجعل الأمر واضحًا أمام صانعي القرار في البيت الأبيض والبنتاجون ووزارة الخارجية، من أنّ أيَّ مزيدٍ من التأخير سيؤدي إلى كارثة في الشرق الأوسط، ويمكن الظن أيضًا أنّ الصواريخَ الإسرائيليةَ ذاتَ الرؤوسِ النوويةِ والتي يمكنُ أن تصلَ إلى جنوبِ روسيا ليس الهدف منها ردع الاتحاد السوفياتي، وإنما تنبيه المخططين الأمريكيين مرة أخرى إلى الضغوط على إسرائيل، للرضوخ إلى تسوية سياسية يمكن أن تؤدي إلى رد فعل عنيف، على إمكانية حرب نووية عالمية “.
هكذا وضعت إسرائيل أمريكا تحت أنيابها النووية.
ولعلّ سؤالًا هامًّا يتبادرُ إلى الذهن ويلحُّ عليه، والسؤال موجه إلى هؤلاء المبشرين الأمريكيين ورجال الدين المسيحي هناك، هل المسيح عليه السلام جاء لتحقيق مملكة دنيوية عسكرية على الأرض، ونهجَ نهجًا عسكريًّا، أو هكذا دعا أو هكذا سيكون حين ينزل للمرة الثانية، وأنه من أجل ذلك يأمر بإبادة الشعوب، أم أنه جاء برسالة السلام ودعا إليها وإلى عبادة الله الواحد الأحد، وأنه حين ينزل مرة أخرى آخر الزمان يأتي لهذا الهدف؟
بالطبع، فالمسيح عليه السلام ليس كما يظن هؤلاء من أنه رجل عسكري يدعو إلى مجد دنيوي وملك أرضي قائم على أشلاء الموتى وتدمير الحياة من أجل حفنة يهود.
أما المسيح الذي يدعون إليه فهو المسيح الدجال الذي يدعي بأنه المسيح الحقيقي، والذي ينكره البعض من أبناء ملتنا ويقولون باستحالة خروج المسيح الدجال ونزول المسيح ابن مريم عليه السلام، هذا ظنهم الذي أرداهم وسيهلك الصهاينة بإذن الله.
وموعودُ الله عز وجل يقينًا سيتحقق بانتصار الموحدين من أمة النبي صلى الله عليه وسلم، والأدلة على ذلك من كتاب الله وسنة النبي أكثر من أن تُحصر وأشهر من أن تُذكر، وإن طالت بنا حياة سنعيش إلى اليوم الذي نرى فيه الأشجار والأحجار يَدُلُّونَ الموحدين على اليهود القتلةِ، قائلين: يا مسلم هذا يهودي خلفي تعالَ فاقتله، إلا شجر الغرقد فإنه من شجر يهود كما أنبأَ النبي صلى الله عليه وسلم، ولعل أصدق دليل على نبوءة المصطفى عليه السلام تلك إكثار اليهود من زراعة الغرقد، فإنهم يعلمون صدق النبي صلى الله عليه وسلم، ويعرفون صدق نبوته كما يعرفون آباءهم وأبناءهم، فليكيدوا إذن ما استطاعوا، فغدًا ينجلى ظلامُ ظلمهم وطغيانهم، ويشرقُ فجرُ الإسلامِ جليًّا منبلجًا، ويتحقق موعودُ اللهِ جلَّ وعلا.
#يُتبع