قلم / سالي جابر
لم تكن متقنة فن مزج الألوان؛ لكنها عاشقة للتلوين تعتقد أنها بارعة فيه إلى أن رأت صدفةً صورة باهتة لكنها تحولت بفضل ريشة فنان بارع إلى لوحة فنية متكاملة يتهافت عليها الجميع، الكل يحاول امتلاكها دون فهم معناها؛ إنما فقط لجمالها، وهنا وقفت وقفة مع نفسها متسائلة كيف السبيل إلى ذلك الطريق لحصولي على تلك النتيجة، حزنت واعتزلت فـصارت كئيبة، لم تكن للألوان دور في تخفيف أحزانها بل كانت سبب، أفاض الحزن عَبراتها ورأت الدنيا تضيق عليها فـهرعت إلى النوم هاربة، ورأت في حلمها طبقا شهيا في تنسيقه وترتيب محتواه، وعندما تذوقته رأته يحمل المذاقين الحلو والحامض، أعجبها ذاك الطعم وفُتِنت بتلك الصورة، واستيقظت من غفوتها لتحمل ألوانها المتعددة وحملت ورقة وشرعت في التلوين؛ إلا أنها تركت من بياضها ما يؤلمها، فكيف بكل هذه الألوان ما يُبقي صورتها خاوية، فمالت إلى الهروب مرة ثانية فخرجت للتنزه ووجدت في البحر صورة هادئة جميلة بارعة سبحان من أبدعها، تحكي له أسرارك وتمتزج أمواجه بدموعك؛ وفجاءة ظهرت أمواج عالية متعددة ترمي بزبدها على الشاطىء وكأنه يرفض حمل أسرارك، يأبى دموعك، فأودعت ألوانها وأوراقها وهمومها في حقيبتها تائهة تسير في منتصف الطريق لا تعلم متى تجد من ذاك الألم مفرا، أنعزلت أياما لتفكر فأيقنت أنها مخطئة فالدنيا تحمل الضدين، كما نحن لنا النجدين وعلينا الاختيار، لم يكن هينًا إنما في صعوبته إلزامٌ لتحقيقه، هكذا الحياة حلو وحامض، وامتزاح الحزن والفرح فيه ضرورة، ولاختلاط ألوانه حكمة، إذا كنا نسير فلابد من راحة للتأمل، لا الخطأ يُغرقنا، ولا الفرح يُنجينا، فالحياة ناقصة تكتمل برضانا، والقلوب العابسة تشجي لسُقيانا، والألم محطة عابرة ليس مقبرة للأحلام، وأن نلقي بأوجعانا في بئر خاوية خير من بناء جدار من الجليد بيننا وبينها، تنسج الشمس أشعتها فيهوي الجدار وتبقى آلامنا، فالتراجع موت، والفرار قدر والحياة متناقضة، سير على حافة البركان واحذر أن يثور
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية