كتب د _ عيد علي
اشتهر مسيلمة الكذاب بأنه مدعي النبوة ولكن كان في نفس التوقيت من هي أكثر فتنة وخطورة منه والأعجب من هذا وذاك سنتعرف عليه من خلال متابعتنا لهذا المقال
نتعرف اولا على مدعية النبوة هي سجاح بنت الحارث بن سويد بن عقفان امرأة نجدية من بني تميم. التف حولها بعض قومها، وقد عزموا على غزو أبي بكر الصديق
رأت سجاح أن تبدأ بقتل مسيلمة الكذاب مدعي النبوة ورغم تحذير قومها من هذا الأمر لأن مسيلمة قويت شوكته وكثر اتباعه إلا أن سجاح كانت لها رؤية مختلفة
وكان ممن استجاب لها مالك بن نويرة التميمي وعطارد بن حاجب وجماعة من سادات أمراء بني تميم وتخلف آخرون منهم عنها، ثم اصطلحوا على أن لا حرب بينهم إلا أن مالك بن نويرة لما وادعها ثناها عن عودها وحرضها على بني يربوع ثم اتفق الجميع على قتال الناس وقالوا: بمن نبدأ؟ فقالت لهم أعدوا الركاب واستعدوا للنهاب ثم أغيروا على الرباب فليس دونهم حجاب “.
ثم إنهم تعاهدوا على نصرها
وقال عطارد بن حاجب التميمي في ذلك:
أمست نبيتنا أنثى نطيف بها وأصبحت أنبياء الناس ذكرانا
ثم إن سجاح قصدت بجنودها اليمامة لتأخذها من مسيلمة الكذاب فهابه قومها، وقالوا: إنه قد استفحل أمره وعظم، فقالت لهم فيما تقوله: عليكم باليمامة، دفوا دفيف الحمامة، فإنها غزوة صرامة، لا تلحقكم بعدها ملامة. قال: فعمدوا لحرب مسيلمة فلما سمع بمسيرها إليه خافها على بلاده وذلك أنه مشغول بمقاتلة ثمامة بن أثال وقد ساعده عكرمة بن أبي جهل بجنود المسلمين وهم نازلون ببعض بلاده ينتظرون قدوم خالد، كما سيأتي فبعث إليها يستأمنها ويضمن لها أن يعطيها نصف الأرض الذي كان لقريش لو عدلت فقد رده الله عليك فحباك به وراسلها ليجتمع بها في طائفة من قومه فركب إليها في أربعين من قومه وجاء إليها فاجتمعا في خيمة فلما خلا بها وعرض عليها ما عرض من نصف الأرض وقبلت ذلك. قال مسيلمة: سمع الله لمن سمع وأطمعه بالخير إذا طمع ولا يزال أمره في كل ما يسر مجتمع رآكم ربكم فحياكم ومن وحشته أخلاكم ويوم دينه أنجاكم فأحياكم علينا من صلوات معشر أبرار لا أشقياء ولا فجار يقومون الليل ويصومون النهار لربكم الكبار رب الغيوم والأمطار. وقال أيضا: لما رأيت وجوههم حسنت وأبشارهم صفت وأيديهم طفلت، قلت لهم: لا النساء تأتون ولا الخمر تشربون ولكنكم معشر أبرار تصومون فسبحان الله إذا جاءت الحياة كيف تحيون وإلى ملك السماء كيف ترقون فلو أنها حبة خردلة لقام عليها شهيد يعلم ما في الصدور ولأكثر الناس فيها الثبور. وقد كان مسيلمة شرع لمن اتبعه أن الأعزب يتزوج فاذا ولد له ذكر فيحرم عليه النساء حينئذ إلا أن يموت ذلك الولد الذكر فتحل له النساء حتى يولد له ذكر هذا مما اقترحه من تلقاء نفسه ثم تزوجها وأقامت عنده ثلاثة أيام ثم رجعت إلى قومها. فقالوا: ما أصدقك فقالت: لم يصدقني شيئا. فقالوا: إنه قبيح على مثلك أن تتزوج بغير صداق، فبعثت إليه تسأله صداقا فقال: أرسلي إلي مؤذنك. فبعثته إليه وهو شبت بن ربعي. فقال: ناد في قومك إن مسيلمة بن حبيب رسول الله قد وضع عنكم صلاتين مما أتاكم به محمد يعني صلاة الفجر وصلاة العشاء الآخرة فكان هذا صداقها عليه.
كانت مشهورة بالكذب، وكانت العرب تقول: (فلان أكذب من سجاح) نظرا لما اشتهر عنها من الكذب، كانت تعود بنسبها من جهة أبيها إلى بني يربوع، ومن هنا كانت على قرابة مع مالك بن نويرة، بينما تعود بنسبها من جهة أمها إلى بني تغلب الذين كانوا يقيمون في بلاد الرافدين، وهذا ما جعل الرواة يقولون بأنها كانت نصرانية على دين بني تغلب. وعندما بدأت حركات الردة خاصة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت بردة طليحة ومسيلمة، بدأت بإعلان نبوتها وتبعها عدد كبير من بني تغلب وبني يربوع وسارت إلى منطقة نجد حيث أرسلت إلى مالك بن نويرة تقترح عليه مهاجمة المدينة المنورة معاً. ثم اتفقا على مهاجمة بعض القبائل المعادية لبني تميم وتغلب. لكن قواتها أخفقت في صدامها مع بعض القبائل في منطقة نجد فاتجهت مع أتباعها نحو اليمامة واجتمعت هناك بمسيلمة الكذاب حيث أحس بخطرها الداهم واستشار قومه ولكنه لم يجد لديهم، فعزم على أن يجعلها تقع في غرامه، وبالفعل خرج مسيلمة إلى قومه وقال لهم: إضربوا لها خيمة بعيداً عن منزلي، وأكثروا فيها الطيب والصندل والبخور فإن النساء إذا شممن رائحة البخور إشتقن إلى الباءة، وفعل القوم ما أمرهم مسيلمة، وحين وصلت سجاح وقومها لليمامة تقابلت مع مسيلمة بعيداً عن تلك الخيمة التي قد أعدها لها، وكانت مصرة على أن تعرف منه حقيقة إدعائه للنبوة، ولم يكن من مسيلمة إلا أن قال لها: نعم لقد أنزل علي مثل الذي قد أنزل على نبي قريش، فقالت له سجاح: إذاً أسمعني من ذلك شيئاً، فقرأ عليها مسيلمة سجعا من عنده، ثم عرض عليها نصف الأرض، ثم عرض عليها الزواج فقبلت به زوجاً وجعل مهرها وضع صلاتين مما فرضه محمد صلى الله عليه وسلم: صلاة الفجر وصلاة العشاء وهناك من قال أن مهرها كان إسقاط صلاة العصر عشرين عاماً، وبالفعل كان أصحاب الرملة لا يصلون صلاة العصر في ذلك العهد وكانوا يقولون هذا مهر نبيتنا، وصارت هي أيضا تنشيء ألفاظا سجعية كمسيلمة
ولما بلغها سير خالد بن الوليد بقواته نحو اليمامة بعد أن قضى على حركتي طليحة بن خويلد الأسدي ومالك بن نويرة، عادت إلى بلاد الرافدين وبقيت بين قومها من بني تغلب ثم تابت إلى الإسلام وحسن إسلامها بعد مقتل مسيلمة على يد وحشي. وتوفيت في عهد الخليفة الأموي الأول معاوية بن أبي سفيان بمدينة البصرة، وقيل بل كانت وفاتها بمدينة الكوفة.