بقلم الإعلامي/ يوحنا عزمي
عندما تحل الكارثة ساعتها لن تسأل عن ملة أو دين أو جنس المنقذ .. ستنشغل في نفسك فقط ..
العالم كله واقف على أطراف أصابعه انتظارا لهذا العالم الذي يقدم للبشرية علاج فيروس كورونا أو المصل الذي يقينا منه ، فلم يكن أحد يهتم كثيرا باسم من اكتشفه أو ديانته أو جنسيته أو أفكاره الفلسفية ، فيا روح ما بعدك روح كما يقول المثل.
نحن خلقنا لنعيش ولنعمر الكون لا للبحث عن أكثرنا إيمانا بالله أو قربا منه فهو المطلع على مكنون القلوب وليس من مهامنا ، بالطبع ليست دعوة للابتعاد عن الدين أو التقليل من شأن العقائد ، بل للتأكيد على نقطة مهمة وهي أن العلوم التطبيقية هي أيضا علوم الله ومن تفوق فيها وأبدع قد يكون الأقرب إلى الله من الفقيه أو عالم الدين ، فالأخير مجال نفعه محدود المكان والزمان ، أما من اخترع آلة مفيدة أو ابتكر دواء يعالج البشرية جميعا بغض النظر عن اللون أو الجنس أو العقيدة فدائرة نفعه قد تتسع لتشمل كل سكان المعمورة.
لا أحب الدخول إلى دائرة المقارنات غير المنطقية ..
فعالم الدين له أيضا مجاله المهم لكن رأيي أنه يكفي عدد قليل يقوم بالمهمة ولن يحدث ضرر كبير لو تغيب ..
أما العالم التجريبي فلا يمكن الاستغناء عنه أبدا وإلا تعرضت البشرية للفناء من أضعف مخلوقات الله على الأرض كما في الحالة التي نعيشها الآن ..
لذلك أرى أن علماء العلوم التطبيقية وما يماثلها يندرج عليهم أيضا صفة المصلحين ، أما منطق الدنيا لهم والآخرة لنا فهو الذي جعلنا في ذيل الامم نتسول منهم المال والطعام والدواء ونحن مهينون ، مهينون لأن منهم من أساء إلى معتقداتنا ومقدساتنا وليس بإمكاننا رد الإساءة أو حتى الاستغناء عنهم.
لابد أن نقر ونعترف أن هؤلاء أحيوا بعلومهم ومبتكراتهم وعلاجاتهم مئات الملايين من البشر والحيوان ، صدقني الحمقى والكسالى فقط هم من يؤثرون المعجزات والغيبيات على العمل.
تملكني الدهشة والاستغراب عندما رأيت البعض منذ أسابيع قليلة مضت يناقش قضية القضايا : مجدي يعقوب هل في الجنة أم في النار ؟!
إلى هذه الدرجة وصل بنا التدني والخواء العقلي ..
اسمح لي أن اسألك : وهل دخلت في مشيئة الله “يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء” أم أطلعك الغيب حتى تقرر من في الجنة ومن في النار ؟! .. شيء عجيب والله.
هذا رأيي الذي اعتقده …
العلوم الإنسانية هي أيضا علوم مهمة ولا يجب أن نخرجها من السياق ، فالحكاية كلها تدور بين المادة والروح التي لا غني لأحدهما عن الآخر شرط أن نزن الأمور بدقة ونسمى الأشياء بمسمياتها الصحيحة.