القاهرية
العالم بين يديك

زلّة لسان

148

 

بقلم: شروق صالح 

 

“لقد أخبرته أنها زلة لسان لكنه وجدها فرصة سانحة قدمت إليه على طبق من ذهب للتخلص مني.”

صوت رقيق خرج من بين شفاه تلك الفتاة التي أغمضت عينيها وتنفست بعمق رافعة رأسها إلى السماء تاركة خصلات شعرها الكستنائي يتطاير خلف ظهرها مع نسمات الهواء العليل ثم فتحتهما متحدثة مع تلك النجمة الساطعة التي تزين سماءها.

“لمَ وصلت الأمور لهذا المطاف؟

 

قبل شهر من الآن ذهبتُ لرحلة برفقة مجموعة من الأصدقاء إلى شاطئ البحر، كنت من عشاق الجلوس أمامه وذلك لأن نزوله يترتب عليه تدمير شعري بحبات رماله التي تتوغل في فروة رأسي.

في الحقيقة لم أكن أراقبهم أو أتحدث معهم كثيراً لكن وجودهم يبعث بالراحة داخلي.

 

في تلك الأثناء كنت أراقب تصارع الأمواج وتضاربها وأتحدث مع ذاتي، فقاطعني لؤي قائلاً: هل أتيتِ لتجلسي على الشاطئ!! هيا انزلي البحر معنا؟

حركت رأسي نافية ثم أجبته أنني أستمتع بمشهد الرمال والسماء وتصارع الأمواج.

 

أردف قائلاً: إذًا سأجلس معك.

 

تعجبت في بادئ الأمر لأنني أعلم عشقه الأزلي للمياه فسألته: ولمَ؟

 

ابتسم وهو يجيب: دائمًا لدي علامات استفهام.. فبالرغم أنك صديقة الطفولة إلا أنه قد حان وقت اعترافك لي الآن.

 

اتسعت عيناي فور سماعي (وقت الاعتراف) وخشيت ملاحظته ذلك فأدرت رأسي إلى الجانب الآخر.

 

أكمل قائلاً: هو سؤال واحد أريد معرفته لما دائمًا تبنين العراقيل والحواجز أمام أي شخص يحاول التقرب منك؟

 

لا أخفيك يا نجمتي بأن ضربات قلبي تسارعت وخشيت أن يسمعها لذا نهضت مسرعة لكنه أمسكني من معصمي

قائلاً: ألسنا أصدقاء منذ الطفولة أو كما يقول البعض كالأخوة!! لذا يحق لي معرفة السبب.

 

بادلته بنظرات غاضبة، صارخةٌ فيه: أترك يدي.

أخوة!! من تظن نفسك لتطلق على نفسك لقب أخي!

وحتى لو افترضنا بأننا أصدقاء مقربين فهذا لا يعطي لك الحق ولا لأي مخلوق على وجه الأرض.

فور سماعه كلماتي التي وقعت بمثابة رصاص اخترق قلبه، ترك يدي وعلت وجهه ملامح لم أعهدها عليه من قبل كأن صاعقة أصابته ثم قال: ليس من حقي ولا أستحق أن أكن أخاك!

ترى هل تسمع أذناك ما تفوه به فمك؟!

ياللعار.. كل تلك السنوات التي قضيناها سويا لم تشفع لي عندك!

أنهى كلامه مغادراً تاركًا إياي في حيرة من أمري.

في الحقيقة لم أرغب بقول ذلك الكلام، لكن التوتر والقلق من الاعتراف هو ما دفعني للتحول لأسلوب الهجوم.

عدنا من تلك الرحلة ولم نتحدث قط، ها قد مرَّ شهر وأنا أحاول معه لكنه يرفض بكل الطرق ولا يصدق أنها كانت زلة لسان وأنني لم أقصد ما قلته.

لكني يا نجمتي أعرف كيف سأجعله يسامحني، سأخبره بما أراد سماعه سابقا.

قد يعجبك ايضا
تعليقات