بقلم – رانيا ضيف
تناولنا في الجزء الأول مفهوم الإنصات الفعال وأهميته ونستكمل اليوم خطوات الإنصات الفعال وأول هذهالخطوات : استمع استمع استمع! نعم عليك أن تستمع وبإخلاص، تستمع له حتى تفهمه، لا أن تخدعه أوتلتقط منه عثرات وزلات من بين ثنايا كلماته، استمع وأنت ترغب في فهمه.
لا تجهز الرد في نفسك وأنت تستمع له، ولا تستعجل ردك على ما يقوله، وتستطيع حتى تأجيل الرد لمدةمعينة حتى تجمع أفكارك وتصيغها بشكل جيد، ومن الخطأ الاستعجال في الرد، لأنه يؤدي بدوره لسوءالفهم.
اتجه بجسمك كله عندما يتحدث إليك، واربط علاقة تواصل بين عينيك وعيني ابنك وتفادى أن تشيح وجهكعن ابنك، فإن ذلك يوحي بقلة اهتمامك بما يقوله وقلة اعتبارك لشخصه، وهناك حادثة طريفة تؤكد هذاالمعنى، كان طفل يحدث أباه المشغول في قراءة الجريدة، فذهب الطفل وأمسك رأس أبيه وأداره تجاههوكلمه!!
اجعل ثمة علاقة اتصال واحتكاك جسدي مباشر من خلال لمسة الحنان، وتشابك الأيدي والعناق ووضع يدكعلى كتفيه.. فإن ذلك يوطد العلاقات المبنية على المحبة ويسهل لغة التواصل العاطفي وييسر التفاهمويفتح لدى الطفل أجهزة الاستقبال للرسائل التربوية الصادرة من الوالدين.
*بين له أنك تستمع إليه
ولا تتظاهر بالاستماع! لأنك إن تظاهرت بأنك تستمع له فسيكتشف ذلك عاجلا أو آجلًا، بين له أنك تستمعلحديثه بأن تقول: نعم… صحيح ، أو ما شاء الله أو إن شاء الله أو تهمهم، أو تومئ برأسك، مما يوحي لابنكأنك تتابعه باهتمام فتزيد طمأنينته.
ابتسم باستمرار وابد ملامح الاطمئنان لما يقوله، والانشراح بالإنصات له مع الحذر من أن يشعر الطفل بأنكتتحمل كلامه على مضض أو أنه يُضيع وقتك ولا تنظر للساعة وكأنك تقول له لا وقت لدي لكلامك.
لا تقاطعه أبداً، ولو طال الحديث، واستمع حتى النهاية.
بعد أن ينتهي المتكلم من حديثه لخص كلامه بقولك: أنت تقصد كذا وكذا…. صحيح؟ فإن أجاب بنعم فتحدثأنت، وإن أجاب بلا فاسأله أن يوضح أكثر، وهذا خير من أن تستعجل الرد فيحدث سوء تفاهم.
متى ما وضحت الفكرة وتفهمت الموقف عبِّر لابنك عن هذا وأعد باختصار وبتعبير أدق ما يود إيصاله لك.. لتعلم ابنك اختصار ما يريد قوله وفن التعبير عن مشاعره وأحاسيسه.. والدقة في التعبير.. وتقلل بهذا مناحتمالات الملل بينكما.
لا تفسر كلامه من وجهة نظرك أنت، بل حاول أن تتقمص شخصيته وأن تنظر إلى الأمور من منظوره هو لاأنت، وإن طبقت هذه النصيحة فستجد أنك سريع التفاهم معه.
حاول أن تتوافق مع حالته النفسية، فإن كان غاضباً فلا تطلب منه أن يهدئ من روعه، بل كن جاداً واستمع لهبكل هدوء، وإن وجدته حزيناً فاسأله ما يحزنه ثم استمع له لأنه يريد الحديث لمن سيستمع له.
عندما يتكلم عن مشكلة أو أحزان فإنه يعبر عن مشاعر لذلك عليك أن تلخص كلامه وتعكسها على شكلمشاعر يحس بها هو، مثال من كتاب ستيفن كوفي “العادات السبع لأكثر الناس إنتاجية“:
الابن: أبي لقد اكتفيت! المدرسة لصغار العقول فقط
الأب: يبدو أنك محبط فعلاً
الابن: أنا كذلك بكل تأكيد
في هذا الحوار الصغير لم يغضب الأب، ولم يؤنب ابنه ويتهمه بالكسل والتقصير، بل عكس شعور الابنفقط، وفي الكتاب تكملة للحور على هذا المنوال حتى وصل الابن إلى قناعة إلى أن الدراسة مهمة وإلىاتخاذ خطوات عملية لتحسين مستواه في الدراسة.
فتعلم فن الإنصات فالناس تحب من يصغى إليها . فهناك مثل إنجليزي يقول:
“من الإصغاء تأتي الحكمة، ومن الكلام تأتي الندامة .”
كما قال المنفلوطي
“أول العلم الصمت، والثاني حسن الاستماع، والثالث حفظه، والرابع العمل به، والخامس نشره.”