رحاب الجوهري
تقع داخل سور مع قبة برسباى البجاسي بشارع السلطان أحمد بقرافة المماليك وبالقرب من مجموعة فرج بن برقوق.
القبة التي تأسست عام 912هجرية و1507 ميلادية، اشتهرت بين الناس بهذا الاسم، بناها السلطان الظاهر أبو سعيد قنصوه، وتعرف أيضًا “قبة الغفير”، لتكون مدفنًا له بعد مماته.
رسمها المعماري جعلها محط أنظار السائرين بالمنطقة، فهي تتميز بالعديد من النقوش والزخارف النفيسة، ليسأل المارة: قبة مين دي؟ الإجابة: معرفش.
ويرجع سبب تسمية هذه القبة بضريح السلطان معرفش، بحسب مصادر تاريخية، تقول: إنه بعد مقتل السلطان الناصر أبو السعادات تولي السلطان سعيد قنصوه الحكم.
وكان قبل توليه، يعمل رئيسا للوزراء أيام حكم ابن شقيقته السلطان أبو السعادات، والذي عرف ببطشه وتلذذه بالقتل، وكذلك سوء تصرفه بالملوك والأمراء، الأمر الذي أطاح به 1498 ميلاديا، وقرروا تولية السلطان سعيد قنصوه الحكم.
ولما كانت هذه الفترة من أشد فترات الصراع على الحكم والخلافات الداخلية اختار السلطان قنصوه أن يكون حاكما مؤقتًا للبلاد، وخوفا على حياته من بطش الأمراء ظل محايدًا، فلم يبدي أي رأي أو قرار يخص الحكم أو شؤون الدولة، بل دائماً كانت إجابته علي أي أسئلة “معرفش” أو “أخشي أن”.
ظل سعيد قنصوه في الحكم قرابة عامين، وبالرغم من حياده التام، لم يشفع له ذلك وحاول الأمراء قتله، أثناء الصراع بين أمراء المماليك “أزبك وجان بلاط وطومان باي”، للوصول إلى كرسي السلطة، حينئذ انتشرت شائعة: “السلطان قنصوه أمر بالقبض على طومان باي”، وكانت هي السبب في زوال ملكه، حيث حاصر الأمراء قنصوه داخل قصره.
وعندما علم السلطان بما يحدث، اختبأ في “الحرملك”، وتنكر بزي جواري القصر ولم يستطيع أحد حتى الآن معرفة ما حدث له.
وظلت هذه القبة بدون جثمان إلى الوقت الحالي، لتكون شاهدة على عصر ولي ومضي، ويبقى السؤال: فين جثة السلطان؟ وإجابته: معرفش.
ويرجع تاريخ هذه القبة لدولة المماليك الشركس أوالمماليك البرجية أومماليك الأبراج أو دولة المماليك الثانية.. وكلها مسميات وصفت عصر من أزهي عصور مصر المحروسة، بدأه السلطان الظاهر سيف الدين برقوق سنة 1382، وانتهى بالسلطان الأشرف طومان باي سنة 1517.
وبمرور الوقت عُرفت بـ “قبة الغفير”، لأنها كان تستخدم كسكن لحارس المنطقة “الغفير”، لذا سُميت المقابر التي تقع حولها بنفس الاسم “ترب الغفير”.
وقد شهد المشروع القومي العملاق لانشاء محور الفردوس اعما ل ترميم قبة السلطان الظاهر قانصوه أبو سعيد بالقرافة الشرقية للمماليك، وتنسيق الموقع العام لها.
وشملت الترميمات تركيب نظام إضاءة داخلية وخارجية جديدة للقبة، بالإضافة إلى أعمال الترميم الدقيق، حيث تم الانتهاء من ترميم المحراب والقبة من الداخل، وكافة الرنوك (شعار السلطان) والأشرطة الكتابية المزخرفة بهم، وتنظيفها وتثبيت ألوانها وإظهارها، مع مراعاة الأصول الفنية والأثرية المتبعة، كما شمل الترميم الأثري تبليط ورصف المنطقة ووضع أحواض نباتات ملائمة لطبيعة الأثر، وتركيب اللوحات التعريفية الخاصة بالقبة بالإضافة إلى تركيب كاميرات للمراقبة.