رحاب الجوهري
يعد سور مجرى العيون أحد أبرز الآثار الإسلامية التاريخية فى مدينة القاهرة، وذلك لما يمثله من قيمة تاريخية وجغرافية منذ إنشائه عهد السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي، مؤسس الدولة الأيوبية في مصر الذي تولى الحكم من سنة 565 هـ / 1169 م إلى سنة 589 هـ / 1193 م.
تم إنشاء السور فى منطقة مصر القديمة لنقل المياه من خلال قناة للمياه لترفعها السواقي من إحدى الآبار القريبة من القلعة التى كانت تمثل مقر الحكم فى عصر الدولة الأيوبية حتى تقوم بتوصيل المياه إلى القلعة، ثم استخدام هذا السور لنقل المياه من النيل من خلال السواقى إلى القلعة حتى تصل إلى مجموعة من الآبار الضخمة الموجودة داخل القلعة.
يتميز سور مجرى العيون بمساحته التي وصلت لـ 3500 متر وطرازه المعماري المتميز الذي يعود لفن العمارة الإسلامية باستخدام حجر “النحيت” لبناء السور، ويبدأ من منطقة فم الخليج إلى منطقة السيدة عائشة، كما يتكون السور من برج يسمى برج المأخذ يحتوى على 6 سواقٍ، ويقسم هذا البرج إلى عدة عقود تسمى عقود السواقى المسؤولة عن حمل القناة المائية.
وقام السلطان محمد بن قلاوون بعد توليه الحكم بتجديد السور بشكل كامل عام 1312م على مرحلتين من خلال إنشاء أربع سواقٍ على ضفاف النيل في منطقة فم الخليج، وفي عصر السلطان الغوري أمر السلطان بإنشاء ست سواقٍ تقع بالقرب من منطقة السيدة نفيسة وذلك لتقوم هذه السواقى بتقوية تيار المياه التى تصل إلى آبار القلعة.
وقد انطلق في شهر يوليو عام 2019 مشروع احياء وتطوير سور مجرى العيون الذي تتبناه محافظ القاهرة بالتنسيق مع وزارة السياحة والاثار بعدما تعرضت له هذه المنطقة من تعديات كبيرة ومخالفات، حيث كان المكان مُحاطا بالنفايات وحظائر الحيوانات، لذلك يعمل المشروع على ترميم الأجزاء التى تم هدمها وإحياء السواقى من خلال الإضاءة بالليزر وإقامة الحدائق والمطاعم ومحلات للحرف اليدوية بالإضافة إلى قاعات العروض الثقافية والحفلات التراثية، وذلك لتمثل هذه المنطقة إضافة جديدة للأماكن السياحية والثقافية في العاصمة الأعمال بدأت من موقع مبنى مأخذ المياه الموجود بمنطقة فم الخليج المطلة على نهر النيل، وصيانة نماذج السواقي المقامة أعلى المبنى، حيث خصص هذا المبنى قديما لرفع المياه من بئر المأخد المتصل بنهر النيل إلى حوض التجميع بقناة المياه عبر قناطر سور مجرى العيون والممتدة من فم الخليج حتى ميدان السيدة عائشة، لترفع المياه إلى خزانات التجمع داخل القلعة عن طريق دواليب نقل المياه.
أعمال الصيانة نفذها عدد من الفننين التابعين لمعهد الحرف الأثرية بقطاع الآثار الاسلامية والقبطية بوزارة الاثار، كما تم ازالة التعديات على السور و الحرم الأثري و استكمال ازالتها بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية من داخل الوزارة والاحياء التابعة لمحافظة القاهرة
يذكر ان هذه المنطقة تأثرت بشدة وذلك منذ أكثر من 50 عاما من خلال ما أقيم عليها من مساكن عشوائية، لم تكن موجودة أصلا من الأساس، وهنا أيضا تنبغي الإشارة إلى الزلزال الذي ضرب مصر عام 1992 الذي أثر بشكل كبير على مباني كثيرة داخل القاهرة الإسلامية، وقام السكان بعده بنقل منازلهم إلى هذه المنطقة التي كان بعضها أماكن أثرية، وبدأت تظهر أنشطة لم يكن لها أبدا أن تظهر في المنطقة، حيث كانت أنشطة خطرة ملوثة للبيئة، تمثل تهديدا حقيقيا للمنطقة.
لذا… فان الهدف الاساسي من هذا المشروع العملاق هو أن تستعيد القاهرة التاريخية الرونق الحضاري التي كانت تتمتع به عندما كانت حاضرة العالم العربي والإسلامي
تبلغ المساحة الإجمالية لمشروع تطوير منطقة سور مجرى العيون نحو 399 ألف م2 أي نحو 95 فدانا، تشمل المشروعات تنفيذ عدد من البازارات السياحية، والمطاعم، والكافتيريات، وأماكن انتظار سيارات، وغيرها.
ومن المقرر الانتهاء من مشروع تطوير سور مجرى العيون في العام الجاري .
يذكر انه تم نقل عمال المدابغ إلى مدينة الروبيكى، وتوفير سكن بديل لهم بمدينة بدر،و إزالة مليون ونصف مخلفات من داخل المنطقة، وتم نقلهم إلى المقالب العمومية، كما تم نقل سكان المنطقة الى مساكن مجهزة بمدينة المحروسة
يشمل هذا المشروع الضخم بناء 90 عمارة ، على مسطح نحو 74 فدانا، ومسطح العمارة الواحدة نحو 600 متر على 4 وحدات، كل وحدة مسطحها نحو 150 مترا، العمارات عبارة عن أرضي و6 أدوار،أما العمارات التي ستكون بجوار سور مجرى العيون، ستكون مكونة من أرضي و3 أدوار، كما سيتم إنشاء مول تجاري، وهو على مسطح 16 فدانا