القاهرية
العالم بين يديك

جنود مُرسلة من الله لعباده

117

كتب: رمضان رجب
خُلق الإنسانُ ضعيفًا لقِلةَ حيلتِه، محدودًا بفكره، لهُ صلاحيات مُعينة، ليس لديه بصيرة لخطوة في علم الغيب، أتىٰ للدُنيا في دوامة التحدي للظروف الهالكة، يجتازُها ليلّحق بأخرىٰ، باحثًا دومًا عن الراحةَ التي لم تُخلق في دُنياه، ولأنَّ الله خالق الإنسان يعلم أنه مُحبًا للحياة، فزرع في وِجدانه حُب الأمل لينهض مهما تعثَّر، لايعلمُ الغيب فألهمه برسائل كهدايا لهُ كي ينتبه، رزقه السكينةَ وهى البديلة للراحة التي لم تُخلق، أعطاه الرضا وهى طمأنينةً للقلب وأنه يُؤجر إنْ صبر، رُكنٌ كبير، مأمن دائم للخائفين، ملجأهم الوحيد، جابر للمُنكسرة قلوبهم.
أقرب لكَ من حبل الوريد، فلن يُحملك شيئًا فوق طاقتك، ثِق تمامًا أنه لن يأتي لك بشيءٍ لا تقوىٰ أنتَ عليه، لذا، تأكد بأنك تستطيع تحمُل صِعاب كل ما يأتيك، فقط، تحتاج لتفكيرٍ بعقل، وصبر لقوةَ التحمُل، رضا لسكينةَ القلب، حينها سيمُر كل مُر، وينطوي معه تعب الأيام، بمرورِ الوقت، لن تبقىٰ عابرةً فهىٰ بالأذهانِ راسخةً أبد الدهر، لتتعلم منها الشيء الكثير، قوة التحمُل لتلْحَق أنتَ سالمًا بكل ما أوتيت من قوةٍ في الثباتِ من الداخل، والتحلي بالصبر لاجتياز الصعب، والإيمانُ بالله أنه سُبحانه لا يُكلف نفسًا إلا وسعها.
لن يتركك أسيرَ لحظةَ حُزنٍ أو إخفاق، فكلما ضاق بك أمرًا، أو إحتفز بك رجاءً ارفع يديك متضرعًا، فهو يعلمُ حالك ويراك ويسمع دعواتك وشكواك، فقد كفاك بالأمس ما كان، حتمًا، سيُكفيك غدًا ما يكون، كان يُعطيك وأنتَ قليلُ الحيلة، رضيع بالصراخِ من غير كلام، قادرٌ علىٰ أن لا يحوجك إلىٰ الأنام، لم يجعل لمُناجاتِه زمنًا مُحددًا ولا مكانًا مُعيّنًا.
قُدرته تتجلىٰ في نزع شعورٍ ما بقلبك، بكرمه يُعطيك علامات ولكنك تتجاهلُها، تخطىء وتقول: يارب، يقول لك: لبيك، لتستمر باللجوء إليه سُبحانه فهو ملجؤك الدائم، لذا يُبقيك حيثُ أنت، لكنه يُغير قلبك ببطء ينزع منك شعور التعلُق ليُبدل الأمنيات ببطء، ثم يُمرر لك علامة أخيرة في موقفٍ ما، ترحل فيُنزع عنك أحلامك غير آسف، تشكره علىٰ قلة حيلتك وخلاصك.
يأتي التوفيق مِنه سُبحانه، توفيقِه فوق المدىٰ البعيد لطُموح العبد، ترتيباتُه خارج توقعات العقل البشري؛ يأخذ منك ما تُحب ليُعطيك ما تحتاج، تأكد بأنَّ، ليس دومًا يُبتلىٰ الإنسان ليُعذَّب، ولكنه يُبتلىٰ ليُهذَّب، تحلىٰ بالصبر والإيمان والشُكر علىٰ ثُقل هذه الأيام، حينها ستجد أنَّ قوانينِ الحياة ليس لها قيمة، نفس الشيء لوزن البشر وحسابات لتدبيرِهم؛ فكل هذا بلا أهمّيةَ لحواجزِ المُستحيل، دائمًا يأتي الممكن من رحم الصِعَّاب، إذا شاء الله بتوفيقه، ولُطف قدره، فلا قوة تستطيع منع ما يُعيطيه الكريم.
تأتيك مِنهُ نسمات راقية، إذا تحلىٰ العقل بالرضا والثبات، إذا تمكن القلب بالسكينةَ والإيمان، فهما وجهان لعملةٍ واحدة، تأتيك مِنهُ نسمه كهدية علىٰ هيئة شُعورٌ عابر، جبرٌ خفي، لتنسى بِه صُعوبة ما مررت من فقدٍ أنهك فؤاد قلبك؛ لأنه الله يُعامِلُك بلُطف قدره ليُرمم كسارىٰ جرحك، فهو الملجأ الوحيد والمُنقذ المُلهم دائمًا.

قد يعجبك ايضا
تعليقات