القاهرية
العالم بين يديك

رجال في ثوب الحياء

139

بقلم د_آية طارق

دائما يجذبني الرجل ذو الحياء، والأغلب من النساء يفضلونه كشريك حياة .

خطر في بالي أن أطرح سؤالا علي جميع المراحل العمرية كبارا وصغارا من الرجال ؛  ما هو الحياء عند الرجال ؟ أو هل يمكن أن تظهر أو تعتز بالحياء أمام الجميع ؟
الإجابة كانت لا مستحيل .
فعندما سألت لماذا مستحيل ؟!
قال معظمهم ؛الحياء للنساء فقط وليس للرجال ،وأنا رجل لست خجول .
وهذا كان رد الأغلب من الشباب ومعظمهم مُتعلم مُثقف ..

أما كبار السن كانت إجابتهم  نعم الحياء علي الرجال والنساء، والرجل ذو الحياء يؤتمن فلا خوف علي بيوتنا أو بناتنا أو أموالنا منه .

مقالي هنا لإبراز جمال الرجل ذو الحياء وتوضيح الفرق بين الحياء والخجل .

أجمل ما قرأت عن الحياء هو خلقٌ وهو صفةٌ أيضاً من صفات الله تعالى، وأصلٌ من أصول الأخلاق، ترك الفعل القبيح و الاهتمام  بفعل الجميل، ألا وهو: الحياء، والحياءُ مشتَّقٌ من الحياة.
وقيل في الحياء: هو ماء الوجه، مثلما يكون الحياة للمطر والغيث يسمَّى به حيَّاً؛ لأنَّ فيه حياةُ الأرض والنَّبات والدَّواب، وكذلك فإنَّ حياة الوجه بحيائه كما أنَّ حياة الغرس بمائه، والحياء هو تغيُّرٌ وانكسارٌ وانقباضٌ يعتري النَّفس الإنسانية من خوف ما يعاب بها .
ويقال أيضا:
إذا قلَّ ماءُ الوجه قلَّ حياؤه فلا خير في وجهٍ إذا قلَّ ماؤه
حياءك فاحفظه عليك فإنَّما يدلُّ على وجه الكريم حيائه

ولذلك قال النَّبيُّ ﷺ: الحياء لا يأتي إلَّا  بخير.

وسلب الحياء من أعظم النِّقم التي يمكن أن تحلَّ بالعبد، كما قال مالك بن دينار رحمه الله: “ما عاقب الله تعالى قلباً بأشدِّ من أن يسلب منه الحياء” وهذا الحياء الذي يبعث على ترك القبائح وترك الشَّهوات، وألَّا يكون الإنسان كالبهيمة، ويردع الشَّخص عن اقتراف الذُّنوب: لا شكَّ أنَّه نعمةٌ يرزقها الله تعالى من يشاء، كما قال الشَّاعر:
إذا رُزق الفتى وجهاً وقاحاً تقلَّب في الأمور كما يشاء
ولم يك للدَّواء ولا لشيءٍ تعالجه به فيه غناء

الفرق بين حياء والخجل

الحياء خُلُق رفيع يساعد على التمنع عن كلّ فعل قبيح والتقصير في حقّ الآخرين، والحياء أحد صفات الأنبياء وعباد الله الصالحين؛ حيث قال أبو سعيدٍ الخدري عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه: (كان أشدَّ حياءً من العذراءِ في خِدرِها، وكان إذا كرِه شيئاً عُرِف في وجهِه).

أما الخجل؛ هو إحدى الصفات المذمومة التي توقِع الإنسان في الخطأ، ممّا يتسبّب في تقصيره بواجباته، كما يمنع الإنسان من الوصول إلى أيّ نفع في دينه أو دنياه، وفي الغالب فإنّ صاحب هذه الصفة يُجبَل عليها منذ صِغره، ويُعدّ سوء التربية من الأسباب الرئيسة للخجل

وأيضا  الشعورالمصاحب بعد فعل شئ غير مستحب فيخجل المرء من فعل هذا الشئ..

هل الحياء مكتسب أم فطري؟
الحياء نوعان غريزي ومكتسب:
1- الحياء الغريزي: وهو الفطري الطبيعي.
2- الحياء المكتسب: هو الذي جعله الله تعالى  من الإيمان وهو المكلف به .. ومن كان فيه غريزة من الحياء فإنها تعينه على الحياء المكتسب.

« عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الإيمان بضع وسبعون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان ) ».

الله تعالى قد فطر آدم وحواء على هذا الخلق، ولذلك لما أكلا من الشَّجرة ماذا حصل؟ انكشفت السَّوأتان فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا[طه:121].
كانت السَّوأة من قبل مستورةً فلما أكلا من الشَّجرة انكشفت السَّوأة فبدت وظهرت، فالحياء الذي عند آدم وحواء دفعهما تلقائياً إلى ردِّ فعلٍ مباشرٍ وهو يسترون أنفسهم مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ لستر العورة التي انكشفت بفعل ذنبٍ، فكانت بالتَّقوى مستورةً وبالمعصية انكشفت العورة، وكان ردُّ الفعل التَّلقائي من آدم وحواء ستر العورة بأقرب شيءٍ أمامهم وهو أوراق الشجر،  من الأدلَّة على أنَّ الحياء يكون فطريَّاً.

والحياء ليس عائقا  لتسلك طُرق الدنيا بل هو المنبة للضمير حتي يستيقظ الإنسان من فعل ما يغضب الله سبحان وتعالي .

والمثل الأعلي هنا كما ذكرنا آنفاً الرسول صلي الله عليه وبعده عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ووصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه أكثر حياء عن الأمة ، وقال عنه: إنه رجل حي ، وأن الملائكة يخجلون منه ، وقد ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. صلى الله عليه وسلم في وصف حياء عثمان بن عفان على عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: “إستأذن أبو بكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، امنحه السلام وأنا معه في القمامة ،ثم خرج ، ثم إستأذن له عمر ، ثم أذن له ، فلبى حاجته في هذه الحال ، ثم خرج ، ثم طلب عثمان الإذن له ، فصلب ثيابه وجلس واجتمع. احتياجاته ، ثم خرج.
قالت عائشة:قلت له: يا رسول الله ، استاذنك  أبو بكر ، فلبى حاجته بحالتك ، ثم طلب عمر إذنك ، ثم لبى حاجته بحالتك ، ثم طلب عثمان إذنك. قال: عثمان رجل حيي ، ولو سمح له خاف أن لا يسد حاجته.
وفي الحديث السابق نرى أن  عثمان بن عفان رضي الله عنه وصل إلى درجة لم يخجل الرسول صلى الله عليه وسلم بأبي بكر وعمر. فعلها من عثمان بن عفان.

اشتهر بأخلاقه الحسنة والسامية قبل الإسلام وبعد الإسلام ، و وروي عن حيائه أنه قال في وصف حيائه  “أنني لم أغني ولم أشتهي ذاكرتي منذ أن أقسمت بالولاء للرسول صلى الله عليه وسلم ، ولم أشرب الخمر في الجاهلية. ولا الإسلام ، ولم يزن في الجاهلية أو الإسلام. وكان من بين العشرة الذين باركهم الله تعالى وبشرهم بالجنة. تزوج من أم كلثوم ورقية ، بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وروى الكثير من الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، كما روى كثير من الصحابة: وهو الذي له فضل جمع القرآن الكريم وآياته في قرآن واحد. كما أن له العديد من الإنجازات في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته عندما تولى الخلافة.

الهدف من مقالي هو معرفة الفرق بين الخجل والحياء عند الرجال ،وأن الحياء لا يختصر علي النساء فقط ،وأن القوة والجراءة عند الرجل يجب أن تصاحبهم صفة الحياء لتمنعه من الوقوع في الخطأ وتجعل قلبه رحيما  لينا، وشخص أمين وعادل في حقوق الدنيا .

قد يعجبك ايضا
تعليقات