القاهرية
العالم بين يديك

سلوك الطفل في رمضان

156

كتبت / سالي جابر

الهدف الأساسي من التربية؛ خلق طفل واثق بنفسه، يُقَدِّر ذاته والأخرين، وللوصول إلى هذا بلا شك عملية تربوية صعبة،تحتاج إلى برنامج سلوكي تخطيطي مفصل للطفل لتحديد السلوكيات المراد تغييرها، والسلوكيات المراد تدعيمها، وقد أوضح علماء النفس أنه إذا أردنا التخلص من عادة سيئة لابد من استبدالها بعادة إيجابية، وإن كان لا يستطيع الآباء عمل ذلك بمفردهم إلا بالرجوع لمختص نفسي؛ لكن الدور الأهم أن يُقر داخله أنه مسؤل عن رعيته، وكما قال ابن القيم- رحمه الله- ” فمن أهمل في تعليم ولده ما ينفعه فقد أساء غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قِبل الوالدين، وإهمالهم وإياهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه فأضاعوهم صِغارًا فلم ينتفعوا بأنفسهم وان ينفعوا أباءهم كبارًا”
ولعل شهر رمضان فرصة عظيمة لتعليم الأطفال ما يجب علينا تعليمه، ففي هذا الشهر عبادة روحية جسدية عظيمة يجب علينا ألا نتركه يمر هباءً؛ بل نستثمره استثمارً حسنًا، فتلك الأجواء الإيمانية الجماعية تغرس في نفوس أبناءنا الكثير من المعاني التربوية. وفي هذا المقال سوف نتحدث عن:
• فقه الصحابة في تعليم أطفالهم الصيام.
• ‏فوائد الصيام للأطفال.
• ‏كيفية تعويد الأطفال علي الصيام.
• ‏برنامج لتنظيم وقت الطفل في رمضان وتعديل سلوكه.

يتساءل البعض متى يبدأ الطفل الصيام؟، ويرفض الأخر صيام الطفل خوفًا عليه؛ إنما الرحمة بالأطفال كما قال الشيخ ابن عثيمين- رحمه الله- ” صيام الصبي ليس بواجب عليه، ولكن يتم تمرين الطفل عليه ليعتاده فهو في حقه سنة وله أجر الصوم، وليس عليه وزر إذا تركه، وأنه إذا كان يشق عليهم فإنهم غير ملزمون بذلك”
وأن من رحمة الإسلام أمرهم بشرائع الإسلام، وهو بلا شك من حسن التربية فعن الرُّبَيَّع بنت مًعَوِّذِ- رضي الله عنها- أرسل النبي- صلى الله عليه وسلم- عداة عاشوراء إلى قرى الأنصار: ” من أصبح مُفطرًا فليتم بقية يومه، ومن أصبح صائمًا فليصم”
قال الحافظ ابن حجر- رضى الله عنه- أن الحديث حجة على مشروعة تمرين الصبيان الصيام، لإن الصيام في هذه السن غير مكلف.
فكان الصحابة يأخذون أطفالهم إلى المسجد ليقرأون القرآن الكريم، ويحملون معهم( لعبة الصيام) متى بكى الطفل جوعًا وعطشًا، فهم لا يشِّقون عليه.

أما عن فوائد الصيام للطفل:
• الصبر: فكثيرًا ما تشتكي الأمهات طفلي لا يصبر، فابالصيام يتعلم تحمل الجوع والعطش لفترة تتناسب وسنه.
• ‏حب المسجد والقرآن: عندما يذهب مع والده يوميًا ويقرأ القرآن يُغرس في نفسه حبهما.
• ‏احترام الوقت وحب النظام: لإننا نأكل بميعاد، وننتظم في صلاتنا…
• ‏المراقبة: يتعلم الطفل ألا يأكل أو يشرب رغم تضوعه جوعًا وعطشًا لأن الله يراه؛ فلا يعصيه.
• ‏الترابط الأسري: تتجمع الأسرة في مواعيد محددة لتناول الطعام ( السحور، والفطار) وقراءة القرآن، وتحضير الطعام، وزيارة الأقارب، مما يزيد من التجمع الأسري وترابطهم، ويعلم الاطفال صلة الرحم.
• ‏تعليم معني( الصيام، الصدقة، الزكاة) بشكل عملي ؛ ربما يضع الطفل جزء من مصروفه يوميًا داخل الحصالة ليتصدق بها في نهاية الشهر، أو بتحضير وجبة فطار لشخص يوميًا.
• ‏فهم الحكمة من الصيام؛ ألا وهي الامتناع عن الحلال امتثالًا لأوامر الله – تعالى- حتى نتحكم في شهواتنا ونمتنع عن الحرام .
• ‏تعزيز العديد من السلوكيات الجيدة من خلال المكافآت، مثل الالتزام بالصوم، قراءة وِرد قرآني…

كيفية تعويد الأطفال الصيام وتحبيبهم لهذا الشهر؟!

لهذا الشهر طقوس رمضانية تُكوُّن صورة ذهنية رائعة تقترن بقدوم الشهر المبارك من خلال الفوانيس، والزينة، وأماكن تجمع الأشخاص لشراء ما يلزمهم لرمضان؛ وعلى هذا الأساس:
‏ * تعليق الزينة خارج المنزل وداخله تُضفي بهجة للطفل، وأيضًا وضع عبارات مثل( أهلًا رمضان، مرحب شهر الصوم….)
‏* المكافآت التي نقوم بتحديدها مع الطفل بكتابة ثلاثون مكافأة داخل برطمان، وعلينا أن نعرف بعضها إذا كانت لا تناسبنا، أو أن نُعلق بالونات بها معززات مادية يحبها الطفل مثل الحلويات، بعد إتمام مهام يومه يقوم بفرقعة البالونة والحصول على مكافأته، ويجب ألا تقتصر المعززات على مكافآت مادية حتى لا يتعود الطفل على أن لكل شيئ مقابل ( وعليكم ابتكار أساليب أخرى)
‏* شراء ما يلزم الشهر من سبحة وسجادة صلاة ومصحف، وملابس صلاة للفتيات، وعمل مكان للصلاة والعبادة داخل البيت.
‏* التدرج في الصيام؛ يبدأ الطفل الصيام من العصر أولًا ثم من الظهر. ولا بد من تناول وجبة الإفطار حتي يستعد جسمه لصيام باقية النهار- إذا كان دون العاشرة-
‏* مسابقات ختم القرآن، وحفظ الأحاديث لتشجيع الأطفال.

جدول تنظيم وقت الطفل:
• لابد من تجهيز جدول السلوكيات الغير مرغوبة، والسلوكيات التي تُستبدل بها، والمعززات باختلاف أنواعها، ومهام كل طفل بما يتناسب وسنه
• الحفاظ على الصلاة في جماعة سواء مع الأب في المسجد أو مع الأم في البيت.
• ‏حفظ أية أو اثنان يوميًا من القرآن الكريم، وتعلم أحاديث جديدة، وربط شهر رمضان بالفتوحات والانتصارات من خلال أحداث إسلامية تاريخية عظيمة.
• ‏إشراك الطفل في أنشطة رمضانية هادفة ولا سيما من وقت العصر إلى المغرب حتى لا يشعر بالجوع أو العطش.
• ‏إعداد وجبات لإفطار صائم، أو مشروب رمضاني مع التمر للمسجد

وأخيرًا؛ كلنا يأمل من الله – تعالى- ولدٌ صالح يدعو له، صلاح حال الأبناء يأتي ثمرة لمجهوداتنا معهم، فلا تبخل على طفلك بوقتك وحبك وحضنك الدافئ، فالآباء ينقشون على قلوب أبنائهم معنى الإيمان والإحسان، يزرعون دينًا يحصدون أمة مسلمة في التعامل، والخُلق .
اللهم بارك لنا في أبنائنا، وبلغنا الشهر الكريم.

قد يعجبك ايضا
تعليقات