بقلم/سالى جابر
تعلمنا منذ الصغر أن الحياة لوحة جميلة رُسِمت بريشة فنان أتقن مزج الألوان، بارعٌ في التقاط الفرشاة، يعبث به الخيال، يسافر إلى الأحلام ليُبدع مناطق صفراء خالية لنجري فيها …تمر بمناطق زرقاء فنحمل عوَّامة القدر ونسبح في بئر الأحلام، وتنتهي بمناطق خضراء نقطف منها ثمار الأمل والرجاء؛ لكن مع مرور الوقت ودون سابق إنذار أتقنا فنًا آخر بلا ريشة فنان، ولا كلمات مبدع؛ إنما بآلالاتٍ ثِقال تخترق القلوب فتثقُبها وتنثر ألوانًا أخرى داخل ميدان الحياة، فنقف كجندي يظهر شجاع، باسلٍ، مغوار؛ لكن يظهر في عيونه الخوف، ظمآن إلى الأمان يسير في ظلمة البيداء بلا بوصلة، بيداء الجهل، والخوف، والنفاق ….
وعندما ينجو من معركته ويعود إلى رقعته الخضراء، يسير إلى جانب الحشائش، يجذبه المنظر، لا يزيغ بصره، يكشف عن لهفته إلى الحياة ثم يتوه بين الطرقات حيث لا بوصلة إلا السماء، فينتظر المساء…
وهكذا تمر الحياة… طرقات نخترقها، وبقاعٌ تسير فينا لحظات نختزن بها الأمل، ودقائق تمر ليالٍ طوال.
وكأن أحلام الطفولة نسجٌ من الخيال، تضعه ريشة فنان، وآمال الشباب ممحاة لهذا الخيال، ذاهبةٌ هى مع الرياح، تغوص في الأقدار، نستبقي منها نظرات الطفولة البريئة، مخططات الشباب الواهية، ونبقى داخل دائرة الأمل محبوسة، ونبقى هنا نعيش السراب.