القاهرية
العالم بين يديك

عقل وقلب

127

رانيا ضيف

يقودنى عقلى كثيرا حتى يرهقنى بالمعلومات والمناقشاتوالحوارات  والجدل،

وقلبى مستسلم لتلك الحالة كطفل صغير مقهور يمضى ساعات انتظار طويلة مملة،

إلى أن يعلن استياءه وغضبه ويعبر عن رفضه الصارخ لما يحدث..

يدرك عقلى عندها أن الأمر جلل ولابد أن يكف فى حينها عن تسلطه وإلا خسر الكثير ..

فيترك لقلبى زمام الأمور ليقوده حيثما يريد،

تنفرج أسارير قلبى المسكين ويكاد يطير فرحًا،

أخيرا سيذهب حيثما يريد ..

وفجأة تكسو ملامحه علامات واضحة وجلية للحيرة وربما حزن طفيف ..

فهو عالق بين زمنين ومكانين .

لا يدرى أى الطرق يسلك وأين يذهب ؟!

قد تَعَلَم  أن لا زمن سوى الحاضر، فالماضى قد ولى وأصبح وهما، والمستقبل قد لا يأتى أو لا يحمل الكثيرمن الاختلاف، إذا فلا يوجد سوى الآن ..

وعليه أن يقرر ماذا يريد الآن ؟!

يرفض قلبى إملاءات عقلى الخاصة بالزمان والمكان ويثور مجددا ولسان حاله يقول

أنا وأنت الماضى وتفاصيله،

أنا وأنت الآن صناعة الماضى وكان،

إن كنت لا تريد عيش لحظات وهمك، وجهلك، وإخفاقاتك، وبلاهة توقعاتك، فأنا أحب أن أحيا أيام براءتى، ومحبتى، وحنينى، هو جزء من حاضرى فلا تنكره علىَّ ..

أنا أتوق لعيش الماضى وأُناسه؛ ووجوهه، وحالاته وأجواءه،  أنا أحب كل ما فات من عمرى، لأننى لم أنبضلحب مزيف قط، ولم أعتنق الكذب أبدا، ولم أعرف التلون مطلقا ..

فما شعرته دوما كنته، وما أحسسته دوما عبرت عنه..

لم أخدع، ولم أخن، ولم أكذب، ولم أكره قط ..

مشاعرى دوما كانت صادقة ونقية ..

ربما سقط البعض منى فى طريق عبورى للأيام،

ولكنى تمسكت بهم حتى أفلتوا هم أياديهم عمدًا فنسيتهم، فأنا دوما أعاقب من يغيب عمدًا بالنسيان ..

ربما سمحت  أن أنجذب لضوء حارق كالفراشات وهى تحوم حول أضواء الشموع، ولكننى لم اقترب يوماحد الاحتراق ..

دائما كنت ذكيا فى صنع المسافات، إلا هو

تخطيت حدودى المرسومة والمكتوبة، وفرماناتى المسبقة وأحببته !

لقد نال منى حبه بقدر ما نالت نيران الشموع من أجنحة الفراشات !

احترقتُ وتلاشيتُ فى  مداره..

حتى عندما سقطتُ مدرجًا فى دمائى،

ونقلنى الزمن لإسعافات طويلة الأمد

فبمجرد أن تعافيت؛ اشتقت، ونسيت، وعفوت،

وأصبحت كما أنا ..

لا مكان فىِ إلا للحب !

فلتترك لى مساحات واسعة أجوب فيها عالمى، فأركب قارب الذكرى، وأعبر محيط العشاق، فأصيد منهقصتى وسنوات عمرى ورحلتى، وأقابلنى حينما كنت وعشت، وأحببت وتألمت، وتعلمت وحييت

قد يعجبك ايضا
تعليقات