بِقَلَم / رانِيا ضَيْفٌ
عزيزى . .
كَان يمكننى أَن أبادلك حُبًّا بِحُبّ ، وَلَكِنَّك سَلَكْت دُرُوب الْهَجْر وَالنِّسْيَان ، وَأَنَا الْيَوْمِ لَا أَرْغَب حَتَّى بمناورات الْأَلَم ، وَلَن أبادلك غُمُوضا بغموض !
بَل ؛ سأفسد عَلَيْك خططك بوضوحى وصراحتى . .
فِى مِثْلِ تِلْكَ الْأَوْقَاتِ تستجدى الْأُنْثَى الخانعة الْحَبّ ، وَتَسْتَبِيح كبرياءها علها تَنَقَّذ قَلْبُهَا بَعْد طَعَنَه عَشِق سُددت بدراية فَأَصَابَت الْقَلْب فِى مَقْتَل . .
بَيْنَمَا تنأى جَانِبًا الْأُنْثَى ذَات الْكِبْرِيَاء ، فتضحى بِقَلْبِهَا وَتَتْرُكُه يَمُوت نزفا ، كَى لَا تُهْدَر كرامتها فَتَخْسَر مَرَّتَيْن . .
أَمَّا أَنَا فبشجاعتى ووضوحى سأعبر عَن استيائى وَلَن اِسْتَجْدَى الْحَبّ !
سأبكى وَأَنَا مَرْفُوعَة الرَّأْس ، لَن أنكفىء حَتَّى لَا تَرَى دموعى ، فرؤيتك مِنْ عَدَمِهَا لَا تُوزَن عِنْدِى …
سأعبر عَن مشاعرى بِحُرِّيَّة وَصَدَق ، وَلَن أخْجَل مِنْ قَوْلِ أننى أخفقت فِى اختيارى !
فَبَعْد الْيَوْم لَن اِرْتَاد أماكننا سَوِيًّا ، وَلَن أتصفح خِلسة صفحتك الشَّخْصِيَّة ، وَلَن اقْرَأ رسائلنا الْقَدِيمَة ، لَن أتخلص مِن البُوم صَوَّرْنَا وَلَن أطالعه ، سَأحْتَفِظ بِهِ فِى مَكَان مُهْمَلٌ لتكسوه الأَتْرِبَة !
لَنْ أَفعَلَ أَىُّ شَىْءٍ يَزِيد حنينى وألمى . .
بَل سَأَجْلِس وَحَيْدَة أَنَا وَالْبَحْر ، فأبثه وجعى وَأَستَمِدّ مِنْه بَرَاح لنفسى الَّتِى تَضِيق علىّ وتخنقنى . .
سأصطحب فرشتى ولوحتى وألوانى فِى رَحْلِه لِمَكَان هادىء فِى الطَّبِيعَة ، فأرسم حياتى الْمُقْبِلَة دُونَك . .
سأعيد تَرْتِيب الْمَشْهَدِ مِنْ جَدِيدٍ ، وسأرسم قَلْبِى جِوَار عقلى ليهدهده حِينَمَا يُبْكَى . .
سأنزع كُلّ خيباتى الَّتِى طوقتنى وَاتْرُك أَمَاكِنِهَا تَشَفَّى مِنْ تِلْكَ الْجُرُوح . .
سأزرع الفل وَالْيَاسَمِين فَأَنَا أُحِبُّ بياضهم الناصع ، وَالْحُمْرَة الْخَفِيفَة الَّتِى يَتَشَرَّبُ بِهَا الْيَاسَمِين تَنَاجَى حُمْرَة وجنتى لِتَظْهَر مِنْ جَدِيدٍ ،
فَبَعْدَك وَجْهِى شَاحِب !
نَعَمْ يَا حبيبى لَقَد آذيتنى ، وَلَا أَرَى ذَلِكَ انْتِصارا
حَتَّى أَمْنَعُك مِنْ نَشْوَتِه بِعَدَم الِاعْتِرَافِ بِهِ . .
فَمَا رَأَيْتُ الْمُجْرِمِين يَوْمًا رَافِعِين هاماتهم بِفَخْر ، بَل تَظَل جَرَائِمِهِم تلاحقهم وَتَوَقُّع عَلَى جَبِينِهِم شعورًا بالخزى .
لَن أَمْثَل الصَّلَابَة وَعَدَمِ الِاكْتِرَاثِ ، فقلبى الْمَكْسُور بِحَاجَة لِجَبْر فَوَرَّى ، وَهُوَ أَوْلَى بِكُلّ الطَّاقَات المهدرة لأبدو أَكْثَر صَلَابَةٌ وثباتًا . .
وَلَكِن خُذْه مِنًى وعد…
يَوْمًا مَا سأقف عَلَى هَذِهِ الْأَرْجُل الْعَاجِزَة عَن الْخُطَى ، ستدهشك خطواتى الثَّابِتَة وإصرارى عَلَى تَجَاوُزِك ، يَوْمًا مَا سأغزل مِن خيباتى وشاحا
أَزْيَن بِه عُنُقِى الْمَرْفُوع بَعْدَمَا توقعتَ لَه الِانْحِنَاء قهرًا ، يَوْمًا مَا ستشعر بِوَخْز فِى قَلْبِك حِينَمَا ترانى وَلَن أَرَك .
فسلاما عَلَى أَيَّامِ احْتَرَقَت مِن عُمْرَى ، وَأَهْلًا بِأَيَّام أُعِيد فِيهَا إحْيَاء رمادى ، وَرَاب صدعى ، وَجُبِر قَلْبِى ببذور الْأَمَل . .