القاهرية
العالم بين يديك

شبح النسيان

149

رانيا ضيف

النسيان ذلك الشىء الذى ظل خياله يلاحق البعض كهاجس مخيف، وكابوس مزعج، والذى كان مصيرا محتوما لبعضهم،
كان هو مطلبا وأمنية للبعض الآخر !
أما أنا فلم أرى النسيان صديقا قط، ولا أفهمه سوى عدو يخطف منا جمال الحكايات وأحداثها،
كل قصة حب أُسدل عليها ستار النهاية نسى أبطالها عمق الشعور وسحره، ولم يبق لهم سوى ذكريات الفشل تسكن قلوبهم ..
قصص الصداقة قبل انتهائها كان هناك حب وألفة، ومشاركة، وضحكات من القلب، ومواقف ساخرة وأخرى عابرة …
لم نتذكر شقاوتنا، ولا تلاصقنا، ومشاكساتنا، ولا ضحكاتنا المدوية ..
نسينا كل ما مر بِنَا من نقاء المشاعر والمواقف ولم نتذكر سوى الفراق والخذلان وآلامهما!
دائما النسيان يجور على جمال الحكايات،
فلكى تنسى شخصا ما لابد أن تنزع عن قصتكم كل معانى المحبة والألفة والمواقف الصاخبة بالمشاعر، والقصص المليئة بالحياة، وتستبدل ذلك بمواقف الخذلان وقسوته، أومواقف الغضب وسطوته، أو الخيانة وخبثها.
لكى تنسى عليك أن تستبدل الطيب بالخبيث،
والنور بالظلام، والحب باللامبالاة !
النسيان صديق النكران لا يختلفان .
والعجيب فى النسيان أنه يعجز عن نزع الألم من قلوبنا !
فنعيش العمر كله نتذكر تفاصيل رحيل عزيز بكل تفصيلة فى الزمان والمكان حينها،
بكل عمق المشاعر ووجعها وألمها !
أى ربما يُنسيك مواقف الفرح والحب والدعم، ولكن أبدا لن يُنسيك مواقف الألم والخذلان والخيانة والفراق..
النسيان لا يصادق سوى الأحزان فيبقى عليها ويثبت تواجدها .

فنسيان حدث أو موقف أو شخص أحببناه سبب لنا الألم، مهمة ثقيلة جدا على النفس والروح، وربما ننجح أو لا ننجح، وربما ارتضينا التناسى بديلا لذلك .
يقول ميخائيل نعيمة :
“حبذا النسيان لو أن ما ننساه ينسانا
ما من نسيان على الإطلاق
بل هناك ذهول طارىء لا غير !”

فإن كنت من أولئك الذين يفضلون النسيان ليمرروا الأحداث؛
فإن بعض الأطباء النفسيين نصح كل من تعرض لآلام الفراق والهجر ببعض الخطوات الهامة لنسيان الحبيب الهاجر
أولا: أن تعطى نفسك حرية تامة فى الحزن والبكاء على كل الأشياء التى ينبغى أن تبكى لأجلها، كالأحلام والمشاعر الطيبة والآمال ولكن لا تبكى على الشخص نفسه .
بذلك تكون قد وضعت عن كاهلك جزء كبيرا من التوتر والقلق .
ثانيا : مرحلة التخلص من الألم، وذلك عن طريق استدعاء مشاعر الألم والفراق وعيشها من أجل التخلص منها، وذلك بالاستماع لموسيقى حزينة مثلا ولكن هذه المرحلة لا يجب أن تستمر أكثر من أسبوع .
ثالثا : أن تملأ وقت فراغك الذى كان يمتلىء بهذا الشخص، فلابد أن تكون مشغولا طوال الوقت فلا تُبقى لديك متسعا من الوقت،
حاول أن تقرأ، أو تتنزه مع الأصدقاء، أو تتعلم مهارة جديدة، أو تدرس شيئا تحبه، أو تذهب للسينما والمسرح ..
رابعا :فلتحيط نفسك بالأصدقاء والعائلة؛ الذين قد اخترتهم لتلك المهمة، واخبرهم بأنك تحتاج مساعدتهم لنسيان الماضى، وتعزيز ثقتك بنفسك ..
خامسا :تجنب هذا الشخص ولا تذهب لنفس الأماكن التى قد تجدد لك الذكريات ..
كما يُفضل التخلص من كل شىء يخص الحبيب. مثل الهدايا وأرقام التليفونات وحسابه على مواقع التواصل الاجتماعى .
سادسا : أن تهتم بنفسك ومظهرك ولا تخرج إلا وأنت راضى عن مظهرك، فذلك يدعم ثقتك بنفسك .
وأخيرا نسيان شخص قد أحببته ليس بالأمر اليسير السهل، ولكن عليك أن تتفهم أنه يحتاج الكثير من الوقت والصبر .

إذا فلكى تنسى لابد أن تنسلخ عن حياتك الماضية، وذكرياتك وعاداتك، ولابد أن لا تُبقى لنفسك وقتا للتفكير، وبعد ذلك ربما تستطيع التناسى، أو لا تستطيعه بسهولة، فالأمر يتوقف على رغبتك الصادقة فى محو ذكرياتك .

قد يعجبك ايضا
تعليقات