بِقَلَم / رانِيا ضَيْفٌ
مُمَدَّدَة بَيْنَ الْحَيَاةِ واللاحياة ، بَيْن الْحِلْم وَالْوَاقِع ، عَلَى الحِيَاد بَيْن الْجَسَد وَالرُّوح !
تَخْرُج روحى مِن فمى كرياح تَنْطَلِق بِسُرْعَة جنونية كموجات مُتَّحِدَةٌ طَوِيلَة متدفقة بِعُنْف ، مَنْ فَرَّطَ سرعتها يُخيل إلىّ أننى سَمِعْت لَهَا صَوْتًا !
هَكَذَا انْطَلَقْت روحى حِينَمَا أرجأتُ انْفِصَالِهَا عَنْ جسدى عِنْدَمَا غَلَبَنِى النَّوْم ، متحدية سُلْطَانِه وَرَافِضَة لهيمنته ، فَانْتَزَع مِنًى روحى الَّتِى أَثَّرَت الرَّحِيل وَكَان أَمَلِهَا أَن توقظنى فِى ميعادى دُون عِرَاك .
لَم اِخْتَبَر شُعُورًا كَهَذَا إلَّا عِنْدَمَا أَثَّرَت أَن اخْتَلَى بِنَفْسِى لِئَلَّا لأفكر بِك قَبْلَ النَّوْمِ ، وَاسْتَرْجَع كُلّ نَظَرِه وَكُلّ هَمْسَة وَكُلِّ كَلِمَةٍ أطلقتها عيونك وَاسْتَقْبَلَهَا قَلْبِى ، لأفند وأحلل كُلِّ كَلِمَةٍ وَمَعْنَى وَمَقْصَدٌ . .
أَحْدَثَت خِلَافًا بَالِغًا بَيْن جسدى وروحى حَتَّى شَاهَدْت انْفِصَالِهِمَا وَأَنَا عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ ،
أريتنى الْمُعْجِزَات مَرَّات وَمَرَّات ،
مَرَّة حِينَمَا دَقّ قَلْبِى وَكَان أُبَيًّا عِصِيًّا عَلَى هجمات الْغَرَام فَاسْتَسْلِم راضخا وَانْحَنَى احْتِرَامًا لسلطتك عَلَيْه .
وَمَرَّة حِينَمَا عاندت النَّوْم الَّذِى غالبنى فَانْطَلَقْت روحى مُتْعِبُه مِنًى وَمَن إرْهَاق التَّفْكِير وَعَنَائِه .
وَمَرَّة حِينَمَا تَلتَفُ بِى الطُّرُق فأسلك سُبل الْفِرَاق وطرقاته الْوَعِرَة ، لأفيق وَأَنَا أَمَامَك وَكَانَ كُلُّ الطُّرُقِ الَّتِى اُسْلُكْهَا دَائِرِيَّةٌ ، مَا إنْ انْطَلَقْت مِنْ مَكَان حَتَّى انْتَهَى عِنْدَك وَبَيْن يَدَيْك !
عَلِمْت كُلّ جوارحى الْعِصْيَان فَمَا عَاد لِى سَيْطَرَة عَلَى مَا أَمْلِكُ فَكَيْف بقلبى الَّذِى لاَ أَمْلِكُه يَا سيدى ؟ !
لقنتنى دَرْسًا فِى نَسَف الْكِبْرِيَاء وعنفوانه ، فَكَان الْحَبّ مُعَوَّلًا يَهْدِم كُلّ الْجُدْرَان الأسمنتية الَّتِى بِنِيَّتِهَا لأحصن بِهَا قَلْبِى ، فعلمتني مُجَدَّدًا أَنْ لَا مَلْجَأَ وَلَا مُنَجَّى مِنْ الْحَبِّ إلَّا إلَيْهِ .