د _ عيد علي
ها قد أقترب عيد الفطر وبعد مرور العشرة الأيام الأولى من رمضان تسعى الأسرة للحصول على ملابس العيد وكالعادة تحوّلت الأسواق إلى ساحة معركة حيث يتقاتل المواطنون بشراسة تفوق مباريات المصارعة الحرة لكن الهدف النبيل ليس الفوز بالحزام الذهبي بل الظفر بتيشيرت محترم لا يحترق بعد أول غسلة!
المرحلة الأولى: وهم التخطيط
يبدأ الأمر بجلسة عائلية لمناقشة “ميزانية ملابس العيد” وهي جلسة تشبه اجتماعات قمة الدول الكبرى حيث يحاول الأب إقناع الجميع بأن “الملابس مش مهمة المهم الجو العائلي” بينما تذكّره الأم بأن آخر مرة لبس فيها العائلة “الجو العائلي” طلبت منهم إدارة المول مغادرة المكان فورًا.
المرحلة الثانية: الجولات الاستكشافية
بعد الاتفاق على ميزانية (والتي تتبخر لاحقًا مثل سراب الصحراء) تبدأ الجولات الاستكشافية.
أول محطة: الأسواق الشعبية حيث يمكنك العثور على قمصان مكتوب عليها بالإنجليزية عبارات مثل “I am banana happy” بسعر مغرٍ لكن لا أحد يستطيع تفسير معناها.
المحطة الثانية: المولات الفاخرة حيث تدخل وأنت متحمس وتخرج وأنت تعاني من نوبة هلع بعد رؤية سعر الجاكيت الذي يعادل ميزانية دولة صغيرة.
هنا، تبدأ المساومات البطولية مع البائع التي غالبًا ما تنتهي بجملة “السعر نهائي حبيبي” ليخرج المواطن وهو يتساءل عن معنى “الحب” في هذا السياق.
المرحلة الثالثة: الانهيار والرضا بالموجود
بعد عدة أيام من البحث والإنكار يصل المواطن إلى مرحلة “التسليم للأمر الواقع”. فيقرر إما:
شراء شيء رخيص جدًا تحت شعار “المهم جديد”.
إعادة تدوير ملابس العام الماضي مع بعض الإضافات التجميلية مثل تغيير تسريحة الشعر أو المشي بثقة كأنك ترتدي تصميمًا عالميًا.
وفي النهاية يأتي العيد ويكتشف الجميع أن الأهم ليس الملابس بل القدرة على النجاة من الأسئلة الوجودية مثل:
“كبرت وبقيت قد إيه؟”
“امتى نفرح بيك؟”
كل عام وأنتم ناجون من معركة العيد بسلام!
المرحلة الرابعة: العرض الرسمي واستعراض الموديلات
وأخيرًا يصل يوم العيد وتبدأ اللحظة الحاسمة: ارتداء الملابس الجديدة (أو القديمة المُعدّلة) والخروج إلى العالم لاستقبال التعليقات الفورية من لجنة التحكيم العائلية التي تتكون من:
الخالة الناقدة: “إيه اللون ده؟ غريب شوية بس حلو بس غريب!”
الجد التقليدي: “زمان ماكنّاش بنهتم بالحاجات دي المهم الاحترام.”
الأخ الصغير: “أنا كنت عايز ألبس نفس اللبس! ليه مافيش عدالة في البيت؟!”
وهنا يدرك المواطن أن الحصول على ملابس العيد لم يكن أصعب مرحلة بل مواجهة هذه اللجنة التي لا ترحم!
المرحلة الخامسة: جلسة التصوير الإجبارية
بمجرد وصول الأسرة إلى وجهتها سواء كانت زيارة عائلية أو نزهة في المتنزه القومي حيث يُعامل الزوار كأنهم في رحلة إلى كوكب المريخ يتم إعلان بدء جلسة التصوير الرسمية والتي تستمر حتى: تفرغ بطارية الهاتف أو
تفيض مشاعر أحد أفراد الأسرة ويصرخ: “يا جماعة خلاص كفاية صور بقى!”
وتبدأ السيناريوهات الكلاسيكية:
الصورة الجماعية التي يختفي فيها نصف شخص لأن الأخ الأصغر تحرك فجأة.
الصورة المكررة لأن “الإضاءة كانت وحشة” رغم أن الشمس في أوج سطوعها.
الصورة التي يظهر فيها الأب وهو يحاول فهم تقنية الكاميرا وكأنه عالم فيزياء نووية.
المرحلة السادسة: العودة إلى الواقع
مع غروب شمس العيد تبدأ الملابس الجديدة في فقدان قيمتها السحرية ويبدأ المواطن في اكتشاف عيوبها المخفية مثل التيشيرت الذي كان يبدو أنيقًا في المتجر لكنه يتحول إلى “خيمة” بعد الغسيل الأول.
وفي النهاية يعود الجميع إلى منازلهم بعد يوم طويل من الأكل والمشي والاستماع إلى نفس النكات العائلية التي تُروى كل عيد. وبينما يستعد الجميع للنوم يهمس المواطن لنفسه:
“السنة الجاية هدخل العيد بلبسي القديم وأوفّر دماغي… بس برضه هنزل أشوف لو في عروض حلوة.”
عيد سعيد… وحظًا موفقًا في الموسم القادم من سباق ملابس العيد!
