القاهرية
العالم بين يديك

“البكالوريا الجديدة” قصر من الرمال في بحر التعليم

10

 بقلم السيد عيد 

 

 كل مرة يتولى فيها وزير جديد حقيبة التربية والتعليم، نشعر وكأننا دخلنا إلى موسم جديد من مسلسل طويل عنوانه: “التطوير المستمر… لكن إلى أين؟”. وهذه المرة، جاء وزيرنا الجديد، حاملًا شعارات براقة ووعودًا لا تختلف كثيرًا عن الوعود التي أطلقها سابقيه.

 

في خطوة وصفها البعض بأنها “ثورية” ووصفها البعض الآخر بأنها “مسرحية كوميدية من الدرجة الأولى”، أعلن وزير التربية والتعليم الجديد عن نظام البكالوريا المعدل، أو كما يسميه الطلاب “بلاكوريا”، نسبة إلى اللون الأسود الذي يخيم على مستقبلهم كلما سمعوا عن قرار جديد.

 

نظام البكالوريا: عبقرية بلا تفاصيل

كالعادة، تبدأ القصة بإعلان مبهر: “نظام البكالوريا سيغير وجه التعليم في مصر!”، لكن الوزير لم يخبرنا كيف سيغيره، ولا أي وجه تحديدًا سيتغير. هل هو وجه الطالب الذي أصبح شاحبًا من القلق؟ أم وجه أولياء الأمور الذين يهرولون بين الدروس الخصوصية؟

 

 لكن السؤال هنا: كيف ستكون أكثر تفاعلية؟ هل سيقف الطالب في منتصف الفصل ويؤدي رقصة تعبيرية عن حل المعادلات؟ أم سيُطلب منه إرسال رسالة واتساب إلى أرسطو ليسأله عن فلسفة الحياة؟

 

مواد جديدة بلا نهاية

ضمن النظام الجديد، ستضاف مواد جديدة تحمل أسماء لا يفهمها أحد، مثل “المواطنة الرقمية” و”مهارات التفكير الاستراتيجي”، وكلها تبدو رائعة على الورق. لكن الواقع يقول إن الطالب بالكاد يفهم الرياضيات، فكيف نعلمه التفكير الاستراتيجي؟ ألا يعتبر التفكير في حل واجب الفيزياء إنجازًا استراتيجيًا كافيًا؟

 

التكنولوجيا… يا عزيزي الوزير، التكنولوجيا!

من أبرز ملامح النظام الجديد الاعتماد على التكنولوجيا. لكن الوزير يبدو أنه لم يجرب الدخول إلى منصة تعليمية في ساعة الذروة، حيث يُظهر الموقع رسالة تقول: “الخادم مشغول حاليًا… حاول مرة أخرى بعد التخرج”.

 

الامتحانات متعددة الجوانب: كابوس متعدد الأبعاد

الوزير أعلن أيضًا عن امتحانات متعددة الجوانب، تضم أسئلة تقيس الفهم، والإبداع، والقدرة على حل المشكلات. يبدو أننا سنحتاج إلى طالب خارق لديه عقل أينشتاين، وقوة سوبرمان، وحظ عمر الشريف في لعب القمار.

 

رسالة إلى الوزير

عزيزي الوزير، إذا كنت تريد حقًا إصلاح التعليم، فنصيحتي أن تبدأ بحل المشاكل البسيطة. مثلًا، وفر حمامات تصلح للاستخدام الآدمي في المدارس، وكتبًا لا تحتوي على أخطاء كارثية مضحكة، ومناهج غير عقيمة تخاطب بها العقول، وربما تدريب المعلمين على طرق حديثة لا تجعل الطلاب يشعرون أنهم في محاضرة عن “كيفية النوم أثناء الشرح”.

نعلم أن وظيفتك صعبة، وأنك بحاجة إلى معجزات لتحقيق وعودك، لكننا نتمنى فقط ألا تتحول إلى نجم في مسرحية تعليمية ساخرة. حاول أن تبدأ بالأشياء البسيطة: تحسين حال المدارس، 

أما فكرة البكالوريا الجديدة، فهي أشبه بمحاولة بناء قصر فوق أساس من الرمال في بحر التعليم . 

 

وفي نهاية مقالي، أترككم مع حكمة مصرية قديمة: “التعليم في مصر مثل الفطير المشلتت، كثير الطبقات… لكن بلا فائدة تُذكر!”

قد يعجبك ايضا
تعليقات