بقلم/ رانيا ضيف
في خضم عالم مشغول بمقارنات لا تنتهي، تتصارع الأنا مع الأنا الأخرى، حيث تقاس القيمة بمدى التفوق على الآخرين، هناك قلوب قليلة اختارت أن تسير في طريق لا تُضاء أرجاؤه بضجيج الصراعات بل بنور السلام.
ترفض المنافسة ليس انسحابًا أو ضعفًا، بل انتصارٌ على الحاجة لإثبات الذات في عيون الآخر. إعلان صامت بأنك اكتفيت بأن تكون أنت، دون التزاحم على ألقاب واهية تُوزَّع في ساحة مزدحمة بالعابرين.
المرآة التي لا ترى إلا خطواتك هي مرآة استثنائية، تعكس حقيقتك لا ظلال الآخرين التي تسكن عقولهم. تمنحك مسارا فريدا لرحلتك الخاصة دون الاشتباك بمسارات مختلفة تعرقل خطواتك في الطريق.
تنأى بقلبك عن الساحات التي يدهس فيها الناس بعضهم البعض في سباق محموم غالبًا ما تُنسى غايته بقدر ما يُغَيب عقولهم حد السُكر الانخراط فيه. أن تستيقظ روحك فتحمي إنسانيتك من التحول إلى آلة تُغذي سباقًا بلا نهاية يصل فيه البعض على أشلاء الآخرين!
ليست أعظم الانتصارات في الفوز على الآخرين، بل أن تواصل السير على دربك الخاص، غير آبهٍ بالعيون التي ترصدك، وغير مقيدٍ بمقارنات تُحاول قياسك بمعايير لا تناسبك.
هذا النوع من الحرية ليس سهلاً؛ إنه يتطلب شجاعةً للوقوف في وجه التوقعات المجتمعية، وصبرًا على الوحدة التي قد ترافقك في طريق مهجور لا يسلكه الكثيرون. لكنه في النهاية يتركك مع شعور نادر بالسلام، ومع يقين بأنك عشت حياتك بطريقتك، وفق إيقاع قلبك الخاص وما يتناغم معه من قناعات عقلك. وهنا يكمن الانتصار الذي لا تضاهيه أية ميدالية تُعلق على صدرٍ أثقلته الأعباء.