بقلم: بسمة خالد
أخصائي علم النفس والإرشاد الأسري
يعاني العديد من المراهقين من صعوبة في التعامل مع الألم النفسي أو التعبير عن مشاعرهم العاطفية بطرق صحية. قد يدفعهم ذلك إلى تبني سلوكيات مؤذية للنفس كوسيلة للتخفيف من الضغط العاطفي أو للتعبير عنه جسديًا. ورغم أن إيذاء النفس لا يرتبط دائمًا بالرغبة في الانتحار، فإنه يعكس حالة من الكرب النفسي وصعوبة في التواصل مع الذات والآخرين. كما قد يكون مرتبطًا باضطرابات نفسية، مثل الاكتئاب أو اضطرابات القلق.
تتنوع أشكال إيذاء النفس بين خدش الجلد، الحرق، ضرب الرأس، وابتلاع مواد سامة. وقد تظهر بطرق غير مباشرة، كالتصرف بتهور أو تعاطي المواد المخدرة. تمثل هذه السلوكيات محاولات للتعامل مع مشاعر معقدة، مثل الغضب أو الفراغ.
تتعدد الأسباب التي تدفع المراهقين لإيذاء أنفسهم. بعضهم يجد صعوبة في التعبير عن مشاعره، مما يدفعه لتحويل الألم النفسي إلى جسدي. بينما يسعى آخرون إلى الشعور بشيء ملموس أو استعادة السيطرة على عواطفهم. كما تلعب البيئة الأسرية دورًا هامًا في هذا السياق؛ إذ قد تسهم المشكلات العائلية، مثل الإهمال أو الإساءة، في ظهور هذا السلوك.
التعامل مع المشاعر التي تدفع إلى إيذاء النفس يبدأ بفهمها. يمكن للمراهق مواجهة الوحدة بالتحدث مع شخص مقرب أو ممارسة أنشطة رياضية. وفي حالة الغضب، يُفضل التنفيس عن المشاعر عبر تمزيق الورق أو الجري. أما الشعور باحتقار الذات، فيمكن مواجهته من خلال كتابة الصفات الإيجابية أو المشاركة في أنشطة تطوعية تعزز الثقة بالنفس. الشعور بالتبلد أو فقدان الإحساس قد يُتغلب عليه بالتركيز على التنفس أو تجربة أنشطة حسية، مثل الإمساك بمكعبات الثلج، التي قد تساعد في تهدئة المشاعر السلبية.
العلاج النفسي يمثل خطوة أساسية لمواجهة إيذاء النفس. يشمل ذلك العلاج المعرفي السلوكي لتعديل الأفكار السلبية، والعلاج السلوكي الجدلي لتحسين إدارة العواطف. يمكن أيضًا للعلاج الديناميكي معالجة الصدمات السابقة، بينما يساهم العلاج الجماعي والأسري في تحسين التواصل وتقديم الدعم.
كما تلعب الأسرة دورًا محوريًا في مساعدة المراهق على التغلب على إيذاء النفس. يحتاج المراهق إلى بيئة آمنة يشعر فيها بالقبول دون خوف من النقد أو اللوم. بدلاً من توجيه الاتهامات، يمكن للأهل إظهار التعاطف والاهتمام عبر فتح حوار صادق وهادئ، مما يساعد المراهق على التعبير عن مشاعره بحرية.
إيذاء النفس ليس الحل. هناك دائمًا بدائل صحية للتعامل مع الألم النفسي. طلب الدعم من الأهل أو المختصين النفسيين قد يشكل نقطة تحول في حياة أي شخص يعاني. تذكر أنك تستحق حياة مليئة بالسلام الداخلي والنمو الشخصي، وأن
الدعم متاح دائمًا لمن يسعى إليه.