سالي جابر
أبي العزيز، لا أكتب إليك رسالة جديدة، بل أفتح كتاب حنيني الذي يزداد سطوره مع كل يوم يمر على غيابك. تركت الدنيا، لكنك لم تترك قلبي يومًا. كل شيء حولي يذكرني بك، بضحكتك، بكلماتك، وحتى بصمتك الذي كان يملأ حياتنا بالسلام.
ضحكتك مازالت تسكن أذني، ترددها ذاكرتي كلما استعدت لحظاتنا معًا. أتذكر كيف كنت تشجعني وأنا منهمكة في المذاكرة، وكيف كنت تقول لي: “أنتِ تستطيعين، حبيبتي.” واليوم، تحقق حلمنا، لكنك لست هنا لتحتفل معي. تخيلتك، كما كنت دائمًا، تعدل جلستك وتبتسم لي بفخر، تقول: “مبارك عليكِ، يا ابنتي.”
أبي، كنت لا أخشى في حياتي إلا فقدك، أما الآن، فأخشى كل شيء بدونك. معك كانت الحياة ملاذًا مليئًا بالأمن والطمأنينة، والآن أصبحت كالأمواج المتلاطمة. ومع ذلك، ذكراك العطرة تسندني، تمنحني القوة، وتجعلني أواصل طريقي رغم كل شيء.
حين أزور قبرك، أشعر وكأنني أقترب منك. أجد الراحة في المكان الذي أصبح عالمي الخاص، حيث أتحدث إليك وأشعر أن العصافير تحرس كلماتنا. الشمس تودعني بلطف، والقمر يرافقني بصمته المضيء، وكأنهما يشهدان على عهد الحب الذي لا ينقطع بيننا.
أبي، أعدك أن أحلامنا ستظل حية، وما كان يومًا أملًا سيصبح حقيقة. سأظل أحتفل بك ومعك في كل خطوة أنجزها، حتى يحين اللقاء الذي لا فراق بعده.
إلى لقاء قريب يا أبي، حيث يعود الأمان، وتعود الحياة.
ابنتك المخلصة.