د. فرج العادلي
إن وجود مذهبين متناحرين في بلدٍ واحدٍ يولِّدُ إلحادا باطنا، وإسلاما ظاهرا شائها؛
لأن كل مذهب سيحاول إظهار ضلال غيره وانحرافه، فماذا يصنع النشء حينئذ!؟، وهو لا يدري أن خلافهما في الفروع لا الأصول، التي لو عاش المسلم ومات ولم يسمع بها رأسًا فإن ذلك لن يضره في آخرته، لقوله حينما قيل له… بعد فرائض الإسلام هل عليَّ غيرها قال لا إلا أن تطوع… فقال لا أزيد على ذلك.
فقال صلى الله عليه وسلم أفلح وأبيه إن صدق.
فجعل الفلاح في الدنيا والآخرة نتيجة لأداء الفرائض بعد الإيمان فقط.
وانطلق الأعرابي في صحراء الحجاز، ولم يعرف أو يسمع عن معاركنا فعاش ومات وهو مبشر بالفلاح.
وأما وجود منهجان متنافسان في الخير، فإنه يثري الساحة الإيمانية، ويجعلها متنوعة، ومتعددة، ويجد كلُ شخص مذهبا يلائم طبعه، ونزعه.
لأن التمذهب خاضع أيضا للميول النفسية من شدة ويسر، ومن تمسك بالنص أو بالفهم، بل من مرض وصحة، وكل ذلك موجود بفضل الله في شريعة الإسلام وكلاهما معتمد بفضل الله.
فيجب أن يتنافس المذهبان تنافسا شريفا، بالحكمة والموعظة الحسنة، ويكون الهدف صلاح المجتمع، ولا يشغل نفسه بغيره إلا إذا أراد النصح بضوابطه الصحيحة الشرعية المرعية عند الشارع،
أو أن يبتلع القوي أضعف المنهجين إن تعذر الجمع بينهما، والغاية من ذلك هي إنهاء التناحر، وعصمة الشباب من فتن الخلاف العقيم الذي فتت الأمة، ومزقها في نفوس الشباب. لأن الوحدة فرض عين على الأمة. والفرائض مقدمة على ذلك كله من الفروع وغيرها.
وإلى حين حدوث ذلك يجب على كل منهج أن يتخلص من الإفراط والتفريط، من التعصب والخرافات.
والله أعلى وأعلم.