د. إيمان بشير ابوكبدة
كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة كاليفورنيا عن مادة مهمة في مكافحة إدمان الكوكايين: حمض الكارنوسيك، وهو مركب موجود في مستخلص إكليل الجبل. وقد ثبت أن لهذه المادة تأثيرات مؤثرة على تقليل الحساسية للدواء في التجارب التي أجريت على الفئران في المختبر، مما يبعث الأمل في تطوير علاجات أكثر فعالية لإدمان الكوكايين.
الكوكايين هو مخدر يؤثر على الدماغ عن طريق زيادة الإحساس بالمتعة، مما يخلق دائرة من الإدمان. ومع ذلك، يبدو أن حمض الكارنوسيك لديه القدرة على العمل في الدماغ كمثبط لهذه الاستجابة، مما يتداخل مع آليات مكافأة الدواء. وهذا الاكتشاف، حتى الآن، لا يعمق المعرفة حول تأثيرات إكليل الجبل على الجسم فحسب، بل يفتح أيضا أبوابا جديدة لعلاج الإدمان.
وركزت الدراسة الأمريكية على منطقة في الدماغ تسمى الكرة الشاحبة الخارجية، والتي تلعب دورا مهما في التحكم في الاستجابات للمتعة. اكتشف الباحثون أن الخلايا في هذه المنطقة تصبح أكثر هياجا بعد تعاطي الكوكايين، مما يغير نشاط الدماغ بشكل ملحوظ. تؤثر هذه التغييرات على التعبير عن البروتينات التي تنظم استثارة الخلايا، مما يساهم في الإدمان.
لقد ثبت أن حمض الكارنوسيك فعال في استعادة التوازن في هذه المنطقة من الدماغ. وهو يعمل على القنوات الغشائية التي تتحكم في النشاط الخلوي، مما يساعد على تقليل الاستجابة المبالغ فيها لتعاطي المخدرات. قد يكون هذا التأثير أساسيا لتطوير علاجات جديدة لا تحارب الإدمان فحسب، بل تقلل أيضا من تعرض بعض الأشخاص لتأثيرات الكوكايين.
هذه النتائج واعدة بشكل خاص بالنظر إلى أن العلاجات الحالية لإدمان المخدرات غالبا ما تركز على الجوانب السلوكية. العلاج الذي يعمل بشكل مباشر على بيولوجيا الدماغ يمكن أن يكون أكثر فعالية واستدامة، ويقدم للمدمنين طريقة جديدة للتعامل مع الإدمان.
وجهات نظر للمستقبل
على الرغم من أن الدراسة واعدة، إلا أنه لا يزال هناك العديد من الخطوات التي يتعين اتخاذها قبل استخدام حمض الكارنوسيك كعلاج لدى البشر. تشمل المراحل التالية من البحث اختبار التأثيرات على البشر ومعرفة ما إذا كان هذا النهج فعالاً لأنواع أخرى من الإدمان إلى جانب الكوكايين. ويقوم الفريق أيضا بتحليل الآثار الجانبية المحتملة وتعديل الجرعة المثالية لتحقيق أفضل النتائج.
جانب آخر مهم من هذا البحث هو إمكانية تحديد الأفراد الأكثر عرضة للإدمان. يمكن أن يكون سلوك الخلايا في الكرة الشاحبة الخارجية بمثابة علامة حيوية، مما يسمح للطبيب بتحديد وعلاج الأشخاص الأكثر ضعفا قبل أن يترسخ الإدمان.
ومع تقدم الدراسات، فإن استخدام حمض الكارنوسيك كعلاج محتمل يحدث ثورة في الطريقة التي ننظر بها إلى علاج الإدمان. إذا كان مستخلص إكليل الجبل يمكنه بالفعل تقليل الاستجابة للكوكايين، فإنه يمكن أيضا أن يفتح الباب أمام علاجات أكثر طبيعية، مما يوسع الخيارات لأولئك الذين يعانون من الإدمان.