بقلم/ سالي جابر
عزيزي ورفيق روحي، ماذا نكتب في ورقة أحلامنا التي انسكب عليها حبر الأيام الخوالي؟!
كلماتٍ نقولها ويبكي القلب معها، أم نترك للقلم البراح ليسكب ما في الفؤادِ دون أن يتطرق له العقل؟!
الحياة منحتنا يومًا آخر لنقرأ، ونحلم، ونبسط يدينا لها، وتمد لنا العون بريشةٍ وألوانٍ مبهجة؛ لنُكون لوحة أمل وسعاة، ونترك ساحة المعركة قليلًا. الجندي المقاتل أغمد سيفه وأشهر في وجه الحياة سلاح الحب والأمل، أراد أن يرخي قبضة يده قليلًا ويأخذ استراحة من الخوف والحزن، ولكن يا عزيزي لا أخُفي عليك سرًا، سيعود لها قريبًا.
قريبًا سيأتي الشتاء وتبكي السماء فرحًا بقدومه وتتزين الأرض لاستقباله بعد أن يبقى شهورًا تتساقط أوراق شجره وتدهسه الأقدام وتجمعه داخل قمامة الأيام.
قريبًا سيحل الشتاء ويغسل الأرض المدنسة بالجهل والخوف، وتحارب السماء الحزن، ويبقى كل شيء كما تمنته النفس العفية.
من قال أن الحيرة باقية والخوف دائم كان متشكك، يحلم بالغدِ الأفضل ولكنه جبان لا يقوى على شيء إلا على التردد.
سأخبرك سرًا ليبقى بيننا أمد الدهر… اشتاق قلمي إلى الكتابة واشتقت لأتناقش معك حول كل شيء؛ الحلم الذي تُراه بعيدًا، الصبر الذي ترويه الأيام بالشتاء القارس، القهوة التي طالما بردت ونحن ننتظر الأيام الجميلة، الكتب التي نقرأها سويًا، الأشعار التي تحول يومنا إلى كوكب دري في سمائنا فقط، وتدور حوله أفلاك قلوبنا.
سأغفو قليلًا على بعض كلماتك التي مازالت ترنو وتشدو في أذني، سأحلم بغدٍ أفضل وسأبني معك ذكريات خالدة في أجمل المقاهي مع أفخر أكواب القهوة، بين رفوف الكتب التي تجمع كل العلوم.
ويمضي بنا الوقت ونحن ننتحدث ونفكر ونضحك إلى أن يأتي الشتاء وتبتل الأرض، وتجف الكلمات القاسية ونحن جالسين تارة تحت مدفأة الحب وتارة ونحن نتراقص على أنغام السماء.
والآن بعد أن جف القلم حبره، وانتهت أسطر الورقة البيضاء تذكرت جملة الشاعر« غونتر غراس»
” لا تكتب رسالة ستؤول الرسالة إلى الأرشيف، ومن يكتب رسالة يوقع على بقاياه”
إلى أن يأتي الشتاء وإلى أن توقد مدفأة الأمل سأوقع على رسالتي قبل أن أمزقها.
حالمة بليالي الشتاء 27/8/2024.