د. فرج العادلي
لمّا لم تنزل الرسالة على نبينا -صلى الله عليه وسلم- إلا على رأس الأربعين، وهو أعقل وأكمل وأشرف الخلق- فكان ينبغي ألا يتصدر حاملها نيابة عن جنابه الشريف ومبلغها للناس إلا من في مثل هذا السن أيضا على الأقل.
وإن الآيات الكريمة تشهد به
ومنها قوله تعالى ( ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة..) ومعلوم أن الحكمة لا تكون إلا في مثل هذا السن وما بعده، وهي شيء لا يكون بجمع العلوم فقط، وأما ما قبله فينبغي أن ينشغل الطالب أو الشاب بالتعلم والتحصيل، والتربية أو التدريس أو حتى الإفتاء لأنها أمور خاصة ومقيدة بقيود لا اجتهاد فيها كبير، فالمدرس لا يضع المنهج، والمفتي لا يزيد على ما عند الفقهاء وهكذا
أما الدعوة إلى الله تعالى فهي شيء آخر وكبير…
فالداعي إلى الله يتعرض لجميع الأطياف، والمستويات، والثقافات، والمناصب، والتخصصات، والأسنان، والأمزجة، والصحيح والمريض… بل وأحيانا الأديان المخالفة، والحضارات المتنوعة كل ذلك يحدث أحيانا دفعة واحدة في موقف واحد،
كمن يخطب الجمعة مثلا ثم يبثُها على مواقع التواصل.
ولهذا كانت الحكمة أهم ما يُطلب في مثله، وإن كان هذا الأمر معتذر فينبغي أن يضبط بضوابط، فالشاب مثلا تكون دعوته في مسجد معين على قدر معين من التنوع، ولا يتصدر للعامة في مواقع التواصل وغيرها، وأن يقتصر الأمر على المصلحة العامة للدعوة إلى الله تعالى وأن يكون هناك اختبار للحكمة في كل الدعاة.
والله أعلم.