بقلم – رانيا ضيف
أنتظره كل صباح. أعدّ له وجبة من الحب الطازج، أسوي فيها الحنين على مهل، أضع قدر الصبر على نار هادئة، أضيف بعض السكر ليعادل حموضة الغياب. أشعل أعواد البخور الفاخر، وأنسق وردات يانعات في الفازة. تتبارى كل وردة على الأخرى في مسابقة الرقة والجمال.
أجلس على الكرسي المقابل، أنتظر حضوره البهي. أرتب الأطباق وأنمق الكلمات، أفتح نوافذ الحياة وأستقبل شعاع الأمل. أراقب عقارب الساعة، أنظر لعجلة عقرب الدقائق المتلهفة، وأراقب رزانة عقرب الساعات الثقيلة. يشبهني عقرب الدقائق في عجلته، ويشبهه عقرب الساعات في رزانته. يراقب ميناء الساعة حركتي، كما تراقب تلك الطاولة سكوني.
أناور ساعات الانتظار، أضبط مكياچي وأنسق خصلات شعري، ألقي نظرة أخيرة على مظهري. أعود لطاولتي ويحضر طيفه أخيرًا.
أصب الشاي في فنجانه، ويسكب قلبي المزيد من دقاته. أناوله الخبز وأغرف له الطعام، أجلس لأنظر إليه. أراقب حركاته الهادئة، أتوق لسماع كلمة. أتخيله يحكي لي عن خططه، يلقي بحمولة همومه لدي أو أرى لمعان عيونه بنشوة الانتصار وتحقيق الأهداف. تنساب كلماتي بالمديح والإطراء، تمر الدقائق كالثواني.
ننتهي من الفطور وألملم الأطباق كما يلملم قلبي شتاته. أعاود الكرة كل يوم، ولا يعود!