القاهرية
العالم بين يديك

الضغوط النفسيّة

162

د. طارق درويش
قال الله تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ) يمرّ الانسان في حياته بالكثير من الضغوط والأزمات والشدائد والمشقّات التي من شأنها أن تؤثر سلباً في حياته نفسياً وفسيولوجياً إذا لم يتهيأ ويتعلم الطرق والأساليب لتقبلها والتعامل البنّاء معها كما تظهر أهمية التسليم والقناعة بأنه ليس هناك مناص ومفرٌّ من مرور الإنسان في مثل هذه الأزمات وأنه من غير الممكن منعها جميعها من الحصول.
أما استجابات الأفراد لهذه الضغوط فإنها متفاوتة بحسب اختلاف مجالاتهم واتجاهاتهم، فبعض الأفراد قد يصاب بالحزن والتوتر عند التفكير بالقرارات المصيريّة كالزواج والعمل وضغوطه المستمرة. وبعض الأشخاص يؤمن بأنّ تعرّض الإنسان للضغوط من فترة إلى أخرى يجعله أكثر قدرة وكفاءة على القيام بالمهام وإنجازها وأكثر جرأة على خوض التحديات والنجاح فيها وبالتالي حصول الفرد على الشعور الإيجابي الذي يتبع هذا النجاح.

تعريف الضغوط النفسية

اختلفت تعريفات مصطلح الضغط النفسي باختلاف الاتجاه والمحددات والمجالات التي يعالجها كلُّ تعريف على حدة فبعض التعريفات اعتمدت على التركيز على عامل المثير الخارجي وبعضها الآخر اعتمدت على معالجة الاستجابات للمثيرات المختلفة وهناك تعريفات قامت أيضاً على دراسة عامل المثير والاستجابة معاً.

تعريف الضغوط النفسية

اختلفت تعريفات مصطلح الضغط النفسي باختلاف الاتجاه والمحددات والمجالات التي يعالجها كلُّ تعريف على حدة فبعض التعريفات اعتمدت على التركيز على عامل المثير الخارجي وبعضها الآخر اعتمدت على معالجة الاستجابات للمثيرات المختلفة، وهناك تعريفات قامت أيضاً على دراسة عامل المثير والاستجابة معاً.
عرّف معجم التحليل النفسي مصطلح الضغط النفسي على أنّه جميع العوامل الخارجيّة التي تضغط على الحالة النفسيّة للفرد لدرجة تجعله في حالة من التوتر والقلق والتأثير السلبي في قدرته على تحقيق التكامل والتوازن في شخصيته، بالإضافة إلى فقدان الاتزان الانفعالي وظهور أنماط سلوكية جديدة وتظهر هذه الضغوط عند مواجهة الفرد أمراً ملحّاً يتوجّب الاستجابة الصحيحة له أو مطلباً لا يملك القدرة الكافية لتلبيته، أو أنه يقع خارج حدود استطاعته كما عرّف الكثير من العلماء مصطلح الضغوط النفسية كالآتي:
عرّفها العالم لازاروس:
بأنها مجموعة من المثيرات التي تصيب الفرد ومحصّلة الاستجابات المترتّبة عليها بالإضافة إلى مستوى الخطر الذي يقوم الفرد بوضعه وتقديره للمثير والأساليب والاستراتيجيات التي تساعد على عملية التكيف مع كافة أشكال الضغوط والطرق الدفاعية النفسية التي تستدعي استخدامها في الظروف المختلفة.
تعريف العالم ولتر جملش:
هي التوقعات والأفكار المُسبقة التي تتكوّن عند الفرد تجاه عجزه أو عدم قدرته على إظهار الاستجابات المناسبة للمثيرات التي قد يتعرّض لها، أو الآثار الجانبيّة والأعراض التي تنتج عن الاستجابات غير الصحيحة والخاطئة. تعريف العالم جيمس كويك وجوناثان كويك:
الضغوط النفسيّة هي الاستجابات التي تشمل حالة اللاشعور التي يمرّ بها الفرد حيث تتطلب منه استنزاف واستنفار كافة أشكال الطاقة الطبيعيّة في جسم الإنسان لتهيئته لمواجهة الظروف الصعبة.
ومن الممكن تعريف الضغوط النفسية أيضاً على أنها مزيج من ثلاثة عوامل مهمة وهي البيئة الخارجيّة التي يعيش فيها الفرد، والمشاعر والأحاسيس السلبيّة التي تسيطر على الفرد بالإضافة إلى مجموعة الاستجابات الجسميّة الفسيولوجيّة الصادرة عنه لتظهر بذلك الضغوط النفسيّة عند تفاعل هذه العوامل مع بعضها بطرق خاصة، لتُنتج بدورها حالات القلق والاكتئاب والتوتر التي تسيطر على ذات الفرد ونفسيّته.

مصادر الضغوط النفسية

هناك الكثير من التصنيفات لمصادر الضغوط النفسيّة، فمن الممكن تقسيمها على أنها داخليّة ذاتيّة المنشأ أو بيئيّة خارجيّة المنشأ أما المصادر الداخليّة فهي عبارة عن الأفكار والاستجابات التي تنبع من الأفكار والمعتقدات الخاطئة وغير الواقعيّة ومدى قدرة الفرد على تحمّل ومواجهة الظروف والضغوط المختلفة وأما المصادر الخارجيّة فهي من الممكن أن تكون العوامل الاجتماعيّة والصراع بين القيم والعادات والمعتقدات وبين الواقع بالإضافة إلى الأحداث والتغيّرات المأساويّة والعنيفة والمؤلمة التي من الممكن أن يتعرّض لها الفرد؛ كفقدان أحد الأقارب أو خسارة مبلغ كبير من المال وغيرها، كما قسّم بعض العلماء الضغوط النفسيّة إلى أربعة أقسام وهي كالآتي:
العوامل البيئيّة: كالتقلّبات المناخية وحالات التلوّث والتغيرات المفاجئة في حالة الطقس.
العوامل الفسيولوجيّة الجسمية:
وهي العوامل التي تخصّ البنية الجسمية للفرد مثل:
المرور بالمراحل العمريّة والنمائيّة المختلفة والأمراض والحوادث والإصابات المزمنة واضطراب النوم وحالات القلق وآلام المعدة التي تنتج عن تذبذب الاستقرار الاجتماعيّ والبيئيّ والخوف من حدوث التغيرات الطارئة.
العوامل الاجتماعية:
كالمواعيد والمقابلات المصيريّة والمهنيّة والتعرض للمشكلات المالية والخوف والتوتر عند الإقدام على إلقاء محاضرة أو ندوة عامة أمام الجمهور وفقدان أحد الأقارب أو الأصدقاء المقرّبين، بالإضافة إلى محاولة تلبية المتطلبات الزمنية لإجراء وإنجاز المهام المختلفة.
العامل الداخلي:
أي البنية النفسيّة للفرد وطرق تفاعلة واستجاباته للمثيرات المختلفة.

أعراض الضغوط النفسية

تظهر على الفرد الذي يقع تحت وطأة الضغوط النفسيّة الكثير من الأعراض وهي كالآتي:
الأعراض الجسميّة:
وهي ردّات الفعل الفسيولوجيّة التي يستجيب لها الجسم للمثيرات المختلفة التي من شأنها أن تولّد حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار ومنها ارتفاع عدد نبضات القلب وزيادة قوة خفقانه وتشنّج العضلات المختلفة بالإضافة إلى آلام المعدة والتعرّق الشديد والمستمر وسرعة النفس وضيقه.
الأعراض الذهنيّة:
الضعف العام في التركيز ومواجهة الصعوبات في أداء العمليّات العقليّة.
الأعراض العاطفيّة والانفعاليّة:
كسرعة الاستثارة والغضب والانفعال والقلق والتوتر وقد تظهر بعض الانفعالات الباردة نسبيّاً التي تظهر في الحزن والإحباط والاكتئاب والانسحاب. الأعراض السلوكية:
والتي تظهر عند تعرض الفرد للضغوط كردة فعل للطاقة السلبية الكامنة ومحاولة تفريغها بالحركات الجسمية النمطيّه كهزّ الركبة وقضم الأظاهر بالإضافة إلى التدخين وغيرها من العلامات وإلقاء الأخطاء الشخصيّة على الآخرين

قد يعجبك ايضا
تعليقات