القاهرية
العالم بين يديك

قارئة الفنجان

88

انتصار عمار

جلست تتأمل فنجاني المقلوب،
قالت؛ سيأتيك القدر يوما ما في أبهى صورته ، حاملًا معه طوق الياسمين.

ستهديك إياه فتاة في الجمال ليس لها مثيل.

وجهها يشع نورا كبياض الثلج، يغار منها كل جميل.

ووجنتاها من شدة حمرتها، أشبه بتفاح في أرضٍ جرداء لازرع فيها، ولا نخيل.

وشعرها كليل حالك السواد، منسدل ، تداعب خصلاته نجوم الليل.

عيناها كبلدة جميلة، تجوب شوارعها، وتحتضنك أشجارها، وتزُفك طرقاتها، وتُسحرُك معالم هذه البلدة، فتضل الطريق ، ولو كان معك ألف دليل.

صوتها كقيثارة تعزف أعذب الألحان ، كلما حدثتك،اشتعل في قلبك شوق أنار ظلمة الليل.

ستلقاها يوما ما،يوما ليس ببعيد ،في شارع الحياة ،وأنت مار به، شارد وحيد
حاملًا معك كتابًا تقرأه كعادتك.

وتعبر طريقك وإذ بك تبصر جمالًا لا وصف له، يأسر القلوب، وله تستميل.

ستتلاقى عيناك وعيناها، تتناسى اسمك، وتهيم في سنا أشعتها، وينبض قلبك ولأول مرة،وتحس سهمًا ما أصابه،وطُبع على قلبك هواها ولغيرها لن تميل.

وتتبع خُطوتها، وتدنو منها، وتحاول أن تحدثها،ويسود الصمت ذاك الطريق،وتحاول أخرى وتكلمها،وإذ بالأعين يتصافحان ويحلقان بالسماء، فتذوب عشقًا،فالحب قدر كُتب عليك،ولا مفر منه ولا سبيل.

سيُشغل فكرك، وتُسلب روحك، وتُحرم النوم، وتهجر كل صديق وخليل.

ستقتحم عالمها، وتدخل سراديب دنياها ،وتفتح خزائن أسرارها، وتحيا وضوء الشموع، وتُوقد القناديل.

ويأتي يوم وتخبرك بأنها أحبتك، وتشعر حينها أنك امتلكت الدنيا بأسرها،

وتطأ بقدميك بساتين الهوى، تلتف حولك أزهار السعادة، تحيطك من كل جانب، ولا يعرف هواك المستحيل.

ويأت ليل يباغتك فيه القدر، مرتديًا رداء الأسى؛ ليخبرك بأن حبيبتك لن تكون لك،لن تكون، وأن حبك لها يستحيل،

وأن هناك عوائق وعقبات وحدود وكثير من هذا القبيل.

تحول دون هذا الحب، ويُسكنك الحزن ليلًا طويلًا.

وتقابلها فتسألها؛ ماذا بالأمر؟
وتخبرك بأنها لغيرك ستكون ،وأنها مرغمة على ذلك،
وأنه لزم عليها الرحيل.

ستُظلم الدنيا بعينك، وتهجر العالم كله، وتصاحب الوحدة، والدمع، والأنين،وتكون طريح الفراش عليل.

يتمكن منك الألم،وتعجز الأطباء في علاجك، فلا علاج لك سواها بديل.

هذي هي رحلتك مع الأقدار يا ولدي، ودومًا السعادة عمرها قصير.

فعليك أن ترضى بالمكتوب يا ولدي، واخلع عنك عباءة الهوى هذه، فكل من يهوى، يُعذب، ويحرم حبيبه، وذلك قدر مسطر بالغيب، وليست مجرد أقاويل.

لملم جراحك يا ولدي، فالحب لم يخلق بعالمنا،ولم يهبط أرضنا، إنما هو أسطورة من زمن بعيد، من قبل قابيل وهابيل.

أعانك الله يا ولدي على جُرح غائر خطه القدر بجبينك، حار فيه الأطباء، وعافاك
من الآلام، والوجع عليك لا يُطيل.

قد يعجبك ايضا
تعليقات