بقلم/ سالي جابر
فيها ما لا عينّ رأت ولا أذنٌ سمعت، ولاخطر على قلب بشر، لباس أهلها الحرير، وحُليهم فيها الفضة واللؤلؤ والذهب، طعامهم فيها فاكهة ولحم طير مما يشتهون، وشرابهم أنهار من خمر لذة للشاربين، لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من عسل مصفى…
إنها الجنة؛ هكذا وصفها القرآن الكريم، تستطيع الحواس أن تجسد كل شيء إلا الجنة فهى مكافأة المسلمين يوم القيامة .
الجنة التي لن يدخلها إلا الموحدين بالله، وشرط التوحيد الإيمان بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر، فمن كان يؤمن بكل الكتب السماوية والشرائع السابقة للإسلام مسكنه الجنة، ومن لم يؤمن يكن من الخاسرين، وقال تعالى في كتابه العزيز :” ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين” آل عمران 85
إنها جنة واحدة ومنها جِنان ودرجات، ولا ينبغى العبث بالمسلمات الدينية الواضحة التي نص عليها القرآن والسنة.
روي الإمام مسلم في صحيحه عن جابر -رضي الله عنه-قال:” أتى النبي- صلى الله عليه وسلم- رجل فقال يارسول الله: ما الموجبتان؟
فقال: من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة، ومن مات يشرك بالله شيئًا دخل النار”
وقال الإمام النووي، أما قوله: ما الموجبتان؟ فمعناه الخصلة الموجبة للجنة، والخصلة الموجبة للنار.
وحديث عبادة بن الصامت:” من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق، والنار حق؛ أدخله الله الجنة على ما كان من العمل” .
حديث أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ أُمَّ الرُّبَيِّعِ بِنْتَ الْبَرَاءِ وَهِيَ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَلا تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ، قَالَ: (يَا أُمَّ حَارِثَةَ إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الأَعْلَى) رواه البخاري (2809).
في الجنة كل ما نشاء، وندعوا الله جميعًا رضاه والجنة، ولإنها أغلى ما يكون، وأثمن ما يمكن الحصول عليه، كان الحصول عليها يحتاج لجهد عظيم؛ فإن كل شيءٍ ذا قيمة غالي، الحصول عليه شاق ولكن نتيجته رائعة تسعد بها وتنسى الآلام التي سبقتها، عَنْ أبي هُريرةَ – رضي اللهُ عنه – أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «حُجِبتِ النَّارُ بالشَّهواتِ وحُجِبَتِ الجنَّةُ بالمكَارِهِ». متفق عليه.
وفي رواية مسلم « حفت» بدلا عن « حجبت» وفي هذا الحديث بيان لبديع كلام الحبيب- صلى الله عليه وسلم – حيث بين كيفية الحصول على الجنة؛ علينا تجنب الحواجز المانعة للحصول عليها من تكاسل عن الصلاة، الخوض مع المنافقين، و اللغو الباطل، والعلو، وغيرها كثيرًا مما بستثقل الشخص ويشق على نفسه، والنار أيضًا حفت بالشهوات؛ فإن الباطل محبوب للنفس الأمارة بالسوء،. والحق مكروه.
فإذا أردنا الجنة علينا بالتعافي من النفس الأمارة بالسوء وكسر حاجز الباطل، وإن استثقلناه؛ فإن ما تدفعه من ثمن زهيد أمام ما نبتاع من سلع .
وفي سنن الترمذي من حديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة”. صححه الشيخ الألباني.