بقلم /انتصار عمار
كم وددت أن أُغمض عيناي ولو لثوانٍ، وأتوه بعالم آخر ،ومدن أخرى ،فأجوب شوارعها الخالية تماماً من أي مارٍ ،وأخطو فوق الأرصفة ،وأسير بطرقات يفوح منها عبير البنفسج ،وأحتضن زخات مطر في ليلة صيف جافة ،تعانق بستان البنفسج ،وألهو وقطرات المطر ،وألامس بيديَّ كل نبت ،فيثمر زهراً ،وأسير وأسير حتى يُنهكني السير ، فأجلس إلى جوار شجرة الأحلام ،فأتكأ برأسي على وسادتها ،وأتناسى تقاسيم عمر أوراق الخريف التي تتساقط ورقة تلو ورقة ،
وتأتي الزهور لتحتضن يداي ،وتتمايل وأنغام المطر ،ثم تغفو عيني قليلاً ،فتأتي فراشة الربيع تداعب وجنتيَّ ،لتوقظني،
فأصحو على سنا ضوء ألوانها يحاكي أشعة الشمس ،وتصطحبني معها وعالم الأمنيات،فنرسم تباشير السعادة ،ونعزف
ألحان الأماني ،ونوتة الآمال تطفو فوق زخات المطر ،فلا يُغرقها ماؤه ،ولا تُبلله قطرات المطر ،وقيثارة الأحلام تداعب أهواءنا ونمرح سوياً، ثم أطرق بيت الشمس ،فتُجلُسني معها ،وتأتيني لتُلبسني تاجها الذهبي ،وتسافر بي عبر أشعتها إلى أرض الزمن الجميل ،فتحمُلني إلى كوخ قديم غاية في الجمال والروعة ،يفوح منه عبق ذكريات الأساطير ،وتطل علينا منه إمرأة عجوز ،تعلو وجهها تضاريس الزمان ،أرى بها ملامح جدتي ،أجلستنا على أريكتها وأخذت تنثر ورود الترحيب بنا وظلت تروى قصتها حتى أسدل علينا الليل ستاره ،فصعدتُ درج السماء لأرى ماذا بالقمر اليوم
ما به أراه ليس كعادته ،وإذ به لا يُخفيني سره ،ويقول ؛ كان بيني وبين الشمس اليوم موعداً ،وأخلفتني اليوم الميعاد ،صَمتُ برهة متعجبة،فلم أفهم من حديثه شيئاً ،أوضحني حديثه ،وأفصح لي عن مكنونات قلبه ،فإذ به يهيم عشقاً في الشمس ،ومن هنا بدأت أفهم مغزى حديثه ،وناديت الشمس من بيتها لتأتي ،حتى أقوم بالصلح بينهما ،ولكن سرعان ما أتت رياح الواقع لتوقظني من حلمي الجميل