القاهرية
العالم بين يديك

التسريع الأكاديمي ضرورة تربوية

280

 

بقلم دكتورة سلوى سليمان

 

إن رعاية الطلبة الموهوبين أكاديماً او المتفوقين عقلياً قضية تربوية على درجة كبيرة من الأهمية نظراً لأن هؤلاء الطلبة يعٌدون ثروة وطنية وكنزاً أساسياً من كنوز الأمة، ولابد من استثمارها ورعايتها بهدف توجيهها لخدمة المجتمع وتطويره، وتوفير ما يحتاجه المجتمع من مفكرين وعلماء في مجالات العلم والمعرفة كافة.

وعلى الرغم من تنوع البرامج الخاصة برعاية المتفوقين عقلياً وتعليمهم؛ إلا أنه يمكن تلخيصها في أحد بديلين، هما البرامج التربوية القائمة على الإثراء، أوبرامج التسريع الأكاديمي، ولكل منها تطبيقات متنوعة.

لكن برامج التسريع الأكاديمي من أكثر القضايا المثيرة للجدل في هذا المجال، نظراً للفجوة القائمة بين ما توصلت إليه الدراسات والبحوث العلمية والميدانية عبر السنين، وبين ما يخشاه بعض المربين وأولياء الأمور حول الآثار المترتبة على برامج التسريع التعليمي ولاسيما فيما يتعلق بالجوانب الإنفعالية والإجتماعية للطلبة الذين يتعرضون لخبرة التسريع.

 

ويقصد بالتسريع الأكاديمي السماح للطالب المتفوق أكاديمياً بالتقدم عبر درجات السلم التعليمي أو التربوي بسرعة تتناسب مع قدراته العقلية وتفوقة الأكاديمي دون اعتبار للمحددات العمرية، وتمكنه من اتمام المناهج المدرسية المقررة بزمن أقل وعمر أصغر من المعتاد.

ولا ريب أن عدم السماح بتسريع الطلبة المتفوقين عقلياً في العملية التعليمية يعتبر بحق مشكلة، لأن هؤلاء الطلبة سوف يعانون من الضجر والملل وعدم الإنتباه والإحباط، إذا أجبروا على البقاء في الصفوف العادية مع أقرانهم من نفس الفئة العمرية نتيجة الفجوة الكبيرة بين سرعتهم في التعلم وقدرتهم العالية على الإستيعاب، وبين ما يواجهونه في الصفوف العادية من تكرار ومهمات دون مستواهم ومن هنا عدم التسريع الأكاديمي يعد مأساة كبيرة .

ولابد من مواكبة التطور السريع في الثورة المعرفية العالمية، لذا لابد أن يولى الطالب المتفوق اهتماماً خاصاً باعتباره محور العملية التعليمية التعلمية وأهم مخرجاتها، حيث لابد أن يتم التركيز على تطوير قدراته العقلية وخاصة إذا كان متفوقاً لتلبية حاجاته المختلفة، ورعايته في المدارس العادية من خلال تقديم البرامج المناسبة كالتسريع الأكاديمي والإثراء ، من أجل إعداد قادة المستقبل واستثمار طاقاتهم وإمكاناتهم وصقل شخصياتهم في بيئاتهم الطبيعية.

 

وقد شاع استخدام التسريع الأكاديمي بعد منتصف القرن العشرين، وبشكل خاص بعد أن أطلق الإتحاد السوفيتي (سابقاً) أول قمر صناعي عام 1957، مما دعا أمريكا أن تدرس أسباب هذا التقدم. وبعد نقاشات مستفيضة، توصلت إلى أن سبب ذلك التقدم هو التعليم، فسنت القوانين وقدمت البرامج، وكان إحداها التسريع الأكاديمي، متجنبة حالة الإهدار التي يتعرض لها المتفوقين أكاديمياً في المناهج العادية، التي يستطيع المتفوقين أكاديمياً إنهائها في فترة زمنية أقل من تلك التي يحتاجها ضمن البرامج العادية .

 

وثمة مبررات منطقية ونفسية تجعل من التسريع الأكاديمي ضرورة،حيث تكمن المبررات المنطقية للتسريع الأكاديمي في أن درجة التقدم في البرامج التعليمية يجب أن تكون حسب سرعة استجابة المتعلم ، وبذلك تكون ملبية للفروق الفردية بين الطلبة في القدرات المعرفية، أما المبررات النفسية للتسريع الأكاديمي فتتلخص في أن عملية التعلم هي عملية متطورة متسلسلة، وأن الفروق الفردية بين الطلبة في التعلم موجودة ضمن أي عمر زمني، كما أن التعليم الفعال يتضمن تحديد موقع المتعلم في العملية التعليمية وتقديم الملائم له.

والتسريع الأكاديمي من الممارسات التي تقلص الجهد والوقت والمال المتطلب للعملية التعليمية.وإيماناً بأهمية الدافعية العقلية للطلاب المتفوقين و الموهوبين، ودور التسريع الأكاديمي في تنميتها لزيادة إيجابية المتعلم، وتركيزة العقلي وثقته بنفسه، وقدراته، والتوجه نحو التعلم والإبداع،وتعديل اتجاهات المعلمين وأولياء الأمور نحو التسريع الأكاديمي وتشجيع الطلبة على الالتحاق بنظام التسريع الأكاديمي دون تردد أو خوف من الآثار السلبية كانت الضرورة ملحة إلى أهمية تطبيق هذا النظام التعليمي لتخريج جيل متفوق وموهوب يساعد على تحقيق التقدم والرقي للمجتمع.ومن ثم جاءت الحاجة إلى إختيار التطبيق الفعلي لبرنامج التسريع لدى الطلبة المتفوقين والموهوبين في كل أنحاء الجمهورية لتحديد مدى فاعليته ومستوى نجاحه ومعرفة مدى تحقيقه للأهداف التي وضع من أجلها ومدى حاجة الطلاب له ….

قد يعجبك ايضا
تعليقات