القاهرية
العالم بين يديك

زواج أم المؤمنين السيدة حفصة بنت عمر من الرسول 

174

 

د/ زمزم حسن

لما تُوفي خنيس، أراد عمر أن يزوج ابنته حفصة لعثمان بن عفان بعد وفاة زوجته الأولى رقية بنت النبي، فعرض عمر زواج حفصة على عثمان، فقال عثمان: ما لي في النساء حاجة. ثم عرضها عمر على أبي بكر الصديق، فسكت أبو بكر ولم يرجع إليه بشيء، فحزن عمر لذلك، يقول: «فكنت عليه أوجد مني على عثمان». فمكث ليالي حتى خطبها النبي محمد لنفسه، ورُوي أن عمر أتى النبيّ، فقال: «لقيت عثمان فرأيت من جزعه فعرضت عليه حفصة. فقال له النبيّ: ألا أدلّك على ختن هو خير من عثمان وأدلّ عثمان على ختن هو خير له منك؟” قال: بلى يا رسول الله، فتزوّج النبيّ حفصة وزوّج بنتًا له عثمان». فتزوج النبي حفصة، وتزوج عثمان أم كلثوم بنت النبي.

 

ثم علم عمر بن الخطاب بعد ذلك بسبب اعتذار أبي بكر عن خطبتها، فكان سبب أبي بكر أنه علم أن النبي يريد خطبتها، فقد روى البخاري في صحيحه أن عمر قال: «فلقيني أبو بكر فقال لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك قلت نعم قال فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت إلا أني قد علمت أن رسول الله ﷺ قد ذكرها فلم أكن لأفشي سر رسول الله ﷺ ولو تركها لقبلتها».

 

كان زمن زواجها بالنبي في شهر شعبان من السنة الثالثة من الهجرة، وهو القول الأشهر لكون وفاة زوجها كان في هذه السنة، بينما قال آخرون أنه كان في السنة الثانية من الهجرة، وهو قول الذين قالوا بوفاة خنيس بعد غزوة بدر. وحدد ابن زبالة زمن الزواج في شهر شعبان 2 هـ بعد 30 شهرًا من الهجرة قبل غزوة أحد بشهرين، وكذلك قال النووي. واتفقوا على أن زواجها كان بعد زواج النبي محمد من عائشة، وهي الرابعة في ترتيب زوجاته بعد خديجة وسودة وعائشة. وكان عمر حفصة نحو 20 عامًا.

 

أصدقها النبي صداقًا قدره 400 درهم، وأمهرها النبي بساطًا ووسادتين وكساءً رحبًا، يفترشان في القيظ(1) والشتاء نصفه ويلتحفان نصفه، وإناءين أخضرين، وأولم عليها المهاجرين دون الأنصار وطبة(2) بسمن وتمر وعجوة وسويقًا(3) ملتوتًا. وأطعمها النبي في إحدى الغزوات ثمانين وسقًا من شعير وقيل من قمح. وحجت حفصة مع النبي حجة الوداع.

 

عُرف عن حفصة غيرتها على النبي محمد من زوجاته الأخريات، فقد روى البخاري أن نساء النبي محمد كن حزبين، حزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة، والآخر فيه أم سلمة وباقي نساء النبي محمد. ومما ورد في غيرتها، غيرتها من أم المؤمنين صفية، فقد روى أنس بن مالك أن صفيَّة بلغها أن حفصة قالت: «صفيَّة بنت يهودي»، فبكت واشتكت للنبي محمد، فقال لصفية: «إِنَّكِ لابْنَةُ نَبِيٍّ، وَإِنَّ عَمَّكِ لَنَبِيٌّ، وَإِنَّكِ لَتَحْتَ نَبِيٍّ، فَفِيمَ تَفْخَرُ عَلَيْكِ؟» ثم قال لحفصة: «اتَّقِي اللَّهَ يَا حَفْصَةُ».

 

وقد اشتكت نساء النبي محمد يومًا من ضيق النفقة، وتكلمن معه في ذلك في وقت كان أبو بكر وعمر عند النبي محمد، فهمّ كل منهما بضرب وتأنيب ابنته لولا أن نهاهما النبي محمد عن ذلك. فنزل الوحي بتخيير نساء النبي، قائلًا: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا ، فاخترن الله ورسوله

قد يعجبك ايضا
تعليقات