القاهرية
العالم بين يديك

هذيان ما قبل النوم

501

بقلم _ إبراهيم الديب
عرفت في حياتي مجموعة كبيرة من الشخصيات واقتربت منها على نحو ما ،منها الصحيح السوي المتصالح مع نفسه ومع الحياة ومن ببنها السقيم المعقد حد اقترابه من المرض النفسي، وكنت أيضاً على علاقة بكل الشخصيات التي تقع بين هذين النوعين من البشر ، وهذه المعرفة و هذا الاقتراب من الآخرين من الأمور المحببة إلى نفسي واسعى إليها ، بل ادفع إليه دفعا في بعض الأوقات، أشعر بمتعة وانا امارس هواية الغوص والسباحة داخل ؛نفوس هذه الشخصيات ودراستها لاقف على أسباب دوافع تصرفاتها، عرفت ناس من الداخل، عرفت ناس من الخارج… أحببت واقتربت ممن يبادلني نفس الشعور ، ولم اكره من يبغضني ، وكنت أحيانا أبحث لمن يكرهني عن مبرر لكراهيتي وابحث في الوقت ذاته عن سر ذلك ،في نفسي واتهمها في كثير من الأحيان بأنني السبب، وعند الفشل في العثور على أنني المخطئ أقنع نفسي بأن هذه طبيعة النفس البشرية.
حتى أصبحت على قناعة بأن الفاشل له بعض الحق في حقده على الناجح كما أن هناك بعض الضعفاء يكرهون الأقوياء و التمست لهم أيضا بعض العذر، فأنا على قناعة أن هذه الشخصيات ليس قاعدة بل هو الاستثناء فهناك من هو القادر على نفسه حتى لا يكون عضوا في هذه الجماعة من البشر.

،عرفت عمالقة يحبون الظهور بصورة البسطاء المتواضعين. وعرفت أقزام يتقمصون زيفا زي العمالقة وعرفت فقراء صعاليك يتمتعون بأخلاق النبلاء، وعرفت نبلاء النفس والروح تعتقد من فرط تواضعهم أنهم من طائفة المهمشين , واقتربت في بعض الفترات من سفهاء العقل و المتسكعين فكريا محدودي الموهبة ضيقي الأفق وهم يحاولون بشتى الطرق؛ إقناعك بأنهم فلاسفة.
لم أهتم كثيرا إن كانت الشخصية التي أغوص بداخلها جيدة أوسيئة:قدر الاهتمام و الوقوف والقبض على أسرارها ودوافعها التي تقف خلف ما يظهر على السطح أثناء تصرفاتها ،أحببت كل هؤلاء إنها المتعة و الارتحال والتجول في نفوس وعقول الآخرين ،وأن تتوحد مع كل شخصية في لحظه من لحظات ضعفها وقوتها وفرحها ونبلها وانتصارها على نفسها بارتفاعها على واقعها ، دنيا عريضة صاخبة صارخة هادرة من الشعور، يمثل ثراء بأن يعيش كل من يقوم بهذه الرحلات في أعماق هذا الخضم اللانهائي من حيوات كثيرة ،ومن تجارب شتى بعدد هذه الشخصيات وتعقيداتها وثراء مشاعرها أثناء توحد المرتحل معها ليعيش بذلك حيوات كثيرة.
تساعدني كثيراً في التجول في هذه الرحلات قراءتي في الأدب وعلم النفس والفلسفة ، لعل نتيجة هذه الرحلات تساعدني في الكتابة الأدبية دون شعور مني أثناء الكتابة تحت فكرة مبهمة غامضة ،أو سديم فكري غير واضح فتتخلق هذه الشخصيات أثناء الكتابة عن طريقي فكل ما نقرأه يقبع في مكان ما بداخل الذاكرة، ليطل مرة أخرى عندما يستدعي هذه المعلومات القابعة في أغوار النفس البشرية موقف يمثل خبرة مماثلة هو في حاجة إلى الاستعانة بها.

قد يعجبك ايضا
تعليقات