سامح بسيوني
إلهي أستغيث بك من بطش فرعون وظلمه لقد أخفيت حمله؛ خوفًا من بطشه وسميته المنتشل(موسى) فنتشله من بطشهم وظلمهم.
الفكر سيطر على والهموم أحاطت بي من جانب يارب دلني واهدني، الإلهام يقع في رأسها فجأة فتنظر إلى تابوت خشبي في غرفتها، فجاءت لها الفكرة أشكركَ إلهي؛ سأضع مولودي في هذا التابوت الخشبى واربطه بحبل محكم،والقيه في اليم فإذا جاء جنود فرعون؛ يبحثون عن أي مولود فلا يجدوا ضالتهم وعندئذ يذهبون بلا رجعة.
الحمد لك أيها الإله المعبود على هذا الإلهام لقد دخل الجنود يفتشون فلم يعثروا على اي شيء، وفجأة بغير متوقع يعادود الجنود المداهمة مرة أخرى لبيت أم موسى، فأخذت الأم وليدها في عجالة وضعته في تابوته، ولكنها في هذه المرة لم تحكم حبلها، فانقطع الحبل وسار الصندوق في النهر وأصبح فوأد أم موسى فارغًا؛ لولا أن ربطنا على قلبها.
واشتد الحزن على قلبها ولحظات عصيبة تمر بها الٱن، وبكاءً فاض به النهر أدمع.
إلهي ماذا أصنع؟ ظننت بأن هذا التابوت سيحميه من بطش فرعون وظلمه، ولكن رأيت فيه خفق الحنين وأخذ معه قلبي وفؤادي.
إلهي أخرجني من هذا الحزن الشديد على فراق قرة عيني وفؤادي، والكل بجانبها يدعوا لها بالصبر والسلوان، ولكن المرأة المؤمنة بربها كانت عندها بصيص من الأمل بربها؛ فمهما كانت السماء ممتلئة بالضباب والغمام، فلابد من كشفها مع بزوغ اول فجر بأمر من الرحمن، ياله من إيمان وصبر وضع في قلبها وفوضت أم موسي أمرها لربها فهو وكيلها ووليها!
وسار التابوت في النهر يشق طريقه برعاية الله وحفظه، التابوت يقترب من قصر فرعون المطل على نهر النيل، وامرأة فرعون تجلس في حديقة القصر المطل على النهر، وهى شاردة الذهن تفكر في حالها وحال زوجها فرعون الذي طغى في البلاد فأكثر فيها الفساد؛ وهى مؤمنة بأن الله سيصب عليه سوط عذاب.
فأصبحت تحدث نفسها( لا أطيق هذا الرجل؛ فهو سليط اللسان عليظ القلب صدره ملئ بالكره للإنسانية جمعاء، لم يرحم ضعيفًا ولا مسنًا ولا طفلًا؛ فيذبح الأطفال ويستحي النساء وبني إسرائيل يعيشون في بلاء عظيم، وأنا كذلك في بلاء أشد؛ فأنا امرأته التي حرمت من الإنجاب كنت أود أن يكون مولودًا أتى من أحشائي؛ يصبرني على معيشتي نعم أعيش في قصر والجواري والخدم تحت سيطرتى ورهن إشارتي، ولكن ما قيمة كل ذلك؛ وأنا أعيش في جحيم فرعون إلهي أؤمن بك وأعترف بأنك بأنك أنت الإله المعبود فليس هناك إله معبود سواكَ، وما فرعون إلا عبد حقير من عبادك فيارب نجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين).
وفجأة استيقظت من شرودها، فلاحظت بأن هناك صندوقًا خشبيًا يسير في النهر، إلهي ماذا بداخل هذا الصندوق؟ ربما يحمل شيئًا ثمينًا بداخله، وعلى الفور تأمر الجنود بإحضار هذا الصندوق.
الجنود بنتشلون الصندوق من النهر ويضعونه أمامها، ويفتح الصندوق ببطء شديد، والترقب على الوجوه وذهول؛ عندما وجدوا طفلًا بداخله يبتسم إليهم إبتسامات كلها بريئة ويلوح بذراعيه ٱسيا؛ فتلطقته امرأة فرعون تحضنه بشده، وكأنها وليدها الذي عاد إليها بعد زمن طويل.
فيقع حب موسي في قلبها فتأخذه وتحمله إلى فرعون وهي في غاية الفرح بهذا الطفل الذي يأسر القلوب والأفئدة.
انظر يا فرعون إلى هذا الطفل سنتخذه ولدًا لنا عسى أن ينفعنا ويكون قرة عين لي ولك لا تقتلوه فقد أحببته بفؤادي وكياني.
فرعون أنا لا أحب وجوه الأطفال أمامي: ٱسيا تترجاه فرعون يوافق على مضض بأن يعيش معهم في القصر.
ٱسيا يشتد فرحها بهذا المولود، وتنادي بإحضار المرضعات لهذا المولود، المرضعات يحضرن لإرضاعه الطفل يرفض ثديهن وآسيا يشتد حزنها، ماذا أفعل لماذا يرفض الرضاعة أنه أمر عجيب؟!
بكاء الطفل يجعل قلب ٱسيا يزداد حزنًا وإشفاقًا، وأصبح القصر على قدم وساق من أجل هذا المولود.
وفي المقابل حالة من الحزن الشديد تسيطر على فؤاد أم موسي؛ لفراق وليدها، وتأمر أخته الكبرى بأن تقص خبر، فتخرج أخته تشد ذيلها وهى تتبع أي أثر لهذا الصندوق، وتقص الخبر من أهل المدينة؛ فيخبرونها بأن هناك صندوقا خشبيًا كان يسير في نهر النيل؛ فالتقطه ٱل فرعون، فوقع الخوف على أختها الرضيع، وعاد الإطمئنان في قلبها عندما علمت بأن ٱسيا أحبت هذا الطفل.
الكل سار خادمًا له، علمت الأخت بأنه يرفض الرضاعة، فذهبت إلى قصر فرعون تتطلع الأمر وأبلغت الحراس بأنها تعرف مرضعة أمينة حنونة، الحراس يعرضون الأمر على القصر، ٱسيا تأمر بإحضار المرضعة.
الأم في طريقها إلى القصر تشق الطريق، وكأن الزمن توقف، فساعات أصبحت طوال والقصر كأنه يبتعد أكثر فأكثر والإشتياق لوليدها يزداد لهبيًا
يتبع…
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية