القاهرية
العالم بين يديك

صاحب لواء المذهب الخامس

129

 

كتبت دولت فاروق
لكل أمة من أمم الأرض علماء في شتى المجالات يكونوا محل تقدير لتلك الأمم؛ لدورهم البارز والأعمق في بناء المجتمعات دينيًا وفكريًا وعلميًا، وقد كانت الأمة الإسلامية مثل باقي الأمم لها علماء أرسوا دعائم العلوم وقعدوا قواعدها، وكانوا منارات هداية ليس للعرب والمسلمين فقط بل للعالم أجمع .
هؤلاء العلماء ساهموا في بناء حضارة إسلامية في بلادٍ عديدةٍ على سبيل المثال بغداد والقاهرة ودمشق والقيروان والأندلس.
تلك الحضارة هي التي علمت العالم في الوقت الذي كان ظلام الجهل يلف أوروبا في القرون الوسطى، كانت تلك الفتره هي العصر الذهبي للإسلام والعلماء المسلمين.
لكن بعض هؤلاء العلماء الذين أسهموا في الازدهار والحضارة لم يتركوا أثرًا كبيرّا لعلومهم لأسباب شتى من بين هؤلاء العلماء الإمام العالِم الحافظ أحد أشهر فقهاء زمانه حامل لواء المذهب الخامس الفقيه المحدث وإمام أهل مصر في زمانه” أبو الحارث الليث بن سعد”.-رضي الله عنه-

ولد الإمام في قريه” قلقشندة” بمحافظة القليوبية بدلتا مصر، وهو من أسرة أصلها فارسي من أصبهان.
نشأ الإمام طالبًا للعلم حريصًا على أن يتلقاه من الشيوخ العلماء، من أجل هذا طاف الكثير من البلاد.
و قد تلقى الليث العلم عن كبار شيوخه في مصر وخارج مصر.

بلغ الإمام مبلغا عاليًا من العلم والفقه الشرعي، حتى إن مُتولي مصر وقاضيها وناظرها كان يرجعون إلى رأيه ومشورتهِ.

كان “الليث ابن سعد” في منهجهِ في الفُتيا من أهل الأثر من كِتاب، وسُنة وإجماع لا من أهل الرأي ،
وقد خالف الليث فقه معاصره “مالك بن انس-رضي الله عنه-” كثيرًا خاصةً فيما يتصل بآراء “مالك” الفقهية،و التي بناها على عمل أهل المدينة
سيما صح عنده من الأحاديث واجماع الصحابة…
يعد الإمام “الليث بن سعد “حامل لواء المذهب الخامس وسط المذاهب الإسلامية المعروفة كالحنفية، والمالكية، والشافعيه والحنبلية
وقد كان الإمام الشافعي يرى بأن “الليث ابن سعد” اتبع للأثر من “مالك بن أنس” وأفقه منه مع أن مالكًا كان إمامًا لأهل الأثر. حتى قيل عنه أنه فاق في علمهِ وفقهِ إمام المدينة المنورة “مالك بن أنس” غير أن تلامذته لم يقوموا بتدوين علمهِ وفقههِ ونشرهُ للعالم مثلما فعل تلامذة الإمام “مالك”
ومن أقوال الإمام الشافعي المأثورة والمشهورة “الليث” أفقه من “مالك” إلا أن أصحابه لم يقوموا به.
وكان الليث رضي الله عنه ثريا جدا وكان يرسل النفقة لنده وقرينه ومنافسه مالك بن انس إمام المدينة حتى لا يحتاج إلى السلاطين!! تأمل هذه العبارة كثيرا، إمام أهل مصر يحاول أن يجعل خصمه ومنافسه في غنى عن الناس حتى لا يؤثر على رأيه وفقهه، فما أجمل هذه المنافسة وتلك الخصومة الفقهية التي كان يحيطها الحب والتقدير والإجلال من كلا الطرفين، لا كالخصوم التي نعرفها اليوم.
فالله الله في هؤلاء العلماء النبلاء
رحم الله إمام مصر الفقيه الشهير والعالم البحر الكبير الليث بن سعد رحمة واسعة وأسكنه واسع جنته.

قد يعجبك ايضا
تعليقات