للشاعرة/ابتسام الخميري من سوسة تونس
متابعة عبدالله القطاري من تونس
ملأتْ كأسَ أملٍ
قالتْ: “ذرْني أشرعةً
لغَدِنا الماضي… الآتي
نُؤرّخُ للصّدفاتِ عَويلها
نُؤرّخُ للأهدابِ حَنينها
و طوابيرُ النّزعِ الآفلِ
تَصْطكُّ و لا تتلوّى
تجنِّي بحجمِ بُطونِ السّنينِ
تُلَوّنُ هذا الصّباحَ… مَواعيدنَا الآسنةِ
و تهمسُ: ” اليوم أنا”
و أملأُ طيبَ الطّريقِ
لرسمِ تفاصيلِ وجهكَ
و كُحلِ عُيونِ الغَواني
و دمعٌ خانه وصْلَكَ… فمادَ.
أهتفُ: “أ كانتِ الطّريقُ؟”
فتصرخُ: “كنّا سويّا هناكَ…
نَلُوكُ الزّمانَ بجُرحٍ هَائِمْ
بكلِّ بقاعِ جَسدي… تقدّموا
و حطّوا طوابيرَ صمتِ القبيلةِ
أ كنّا هنا؟ أم هناك؟
سَلمى تُلوّحُ للأبرياءِ: “أين الوطن؟”
أ كنّا هنا؟ أم هناك؟
و طفلُ الثّلاثِ يُغادرْ…
يطيرُ… يطيرُ
أَ أبكي؟ كنا هنا؟
و كان ابنُ الثّلاثِ يُداعبُ رمشَ حصانِ الخشبْ؟
و كانت سلمى تطهو لدُميتها…
و كانَ…
للغدِ لونُ البياضِ
للغدِ رقصٌ و مغنَى
و أزعُمُ: ” نحن هنا و هناك”
و صرخةُ الفجرِ تعلُو
تأخّرَ عنّا القمرْ
ملأتْ كأسَ أملٍ… فكانتِ الطّريقُ حفيفًا
و كان صوتُ العربْ
أينَ مضَى ركبُ العربْ؟؟
يضيعُ السّؤالُ… نَنحرُ شاةً بريئةً
و نُعلنُ كنّا هنا… و الدّمعُ كابسٌ
كانتِ الطّريقُ و كنّا…
و ما زلنا نلهو مع رعشاتِ القدرِ
ما زلنا نلهو حذوَ بَخُورِ الثكالى
ما زلنا نلهو مع فرْقعاتِ القنابلِ
“حَلَبْ” تحتضرُ
ما زلنا نلهو و القُدسُ حُلمٌ تبخّرَ
ما زلنا نلهو… العراقُ تُدَقُّ و تُفْزَعُ
فمنْ سيداوي الألمَ؟
ملأتْ كأسَ أملٍ قالتْ:
“ذرْني أشرعةً لابتساماتٍ مُؤجَّلةٍ
و هذا الصّباحَ أَتانا الخبرُ
“علّيسة” تُداوي الجراحَ
فما حظّنا يا بشرْ؟؟
بالأمسِ كنّا و كانتِ الطّريقُ
بوّابةً لامْتصاصِ الغضبِ
جَرّعونا دِمانا البريئةَ
و بِتْنَا نُغنّي…
حَمل الشّاعرُ قلَمهُ… و غَنّى
و غنّتْ زياتينُ الجنوبِ و ناحتْ
مع خَربشاتِ الزّمنِ
عبرنا نَهُزُّ الخُطى… نُكابِدُ عَرَاءَ القيمِ
و نزُمُّ الشّفاهَ مساءً
نَنظُرُ للسّماءِ عساها تُمطِرُ؟؟
و السّحُبُ تَحملُ الأحلامَ… و ترقُصُ
ملأتْ كأسَ أملٍ
و نزعُ الضّعيفِ تلوّنَ
فكانتِ الطّريقُ… و كنّا سويًّا
نُعَمّرُ للحلمِ بوّابةً و نشهقُ
و جاءَ بِلَوْنِ الحنينِ
ذاكَ التّاريخُ المُبَرْمجُ
غافلينَ كان البشرُ
فهل يمزحُ القدرُ؟
ماذا حدثَ؟ كيفَ حدثَ؟
و الكَلِمُ من جوفِ النّزْعِ يُطَوّقُ الأحلامَ
يُطوّقُ الأفراحَ و يعلُو
باحثًا عمّنْ يَملأُ الدّربَ نشيدًا…
ملأتْ كأسَ أملٍ
قالتْ: ذَرْني أتربةً أُغطّي جُثَثًا
كانت هنا… و كنّا سويًّا
و كانتِ الطّريقُ بردًا و سلامًا
و الفاتناتُ كنّا هنا…
يتغزّلنَ و القمرُ شاهدٌ
فمادَ الزّمانُ و صَحَوْنا غِرَّةً
إذْ بالعُيُونِ حزِينَةً
و القنابِلُ تُدَقُّ طويلًا
و سلمى تَرُوحُ… و يرحلُ صوتٌ نَدِيٌّ
بتَفاصيلِ صوْتِ المسيحِ
و الآياتُ تُزَلْزِلُ: اهْتَدُوا
نَخِرُّ و ننحَرُ ثُغاءَ الفرَحِ
فمنْ سيُداوي الألمَ؟
بساتينُ عِشقٍ تداعتْ و مالتْ…
ملأتْ كأسَ أملٍ
قالتْ: “أبيعُ الصّبرَ/ أصنعُ الحرفَ”
فغارَ الجُرْحُ… و تصَّاعدتْ أغنياتُ الطّريقِ الحفيفِ
الوتدُ خرَّ و طارَ
باحثًا عن وجْهِ رَضيعٍ بريءٍ
باحثًا عنّي و عنكَ… الغرامُ
باحثا عنكم.
نخيلُ بلادي يُنازعُ
حُلمُ الوطنِ/ حلمُ الطّفولةِ
حلمُ النّشيدِ… يعلُو
وردةٌ للمصيرِ ترفلُ
أينَ أنتم يا بقايا… بقائي
واجمةٌ شفاهُ الأغنياتِ
و شمسُ الأصيلِ خلفَ ذاكَ الجبلِ
صرخةُ الفجرِ تعلو
اُنظرُوا ذاكَ القمرْ.
بقلم الناقدة الذرائعية إبتسام الخميري