بقلم / د . أسعد محمد الجوادي
انتشر في الاونه الاخيرة التهتك والتعدى علي حرمة الغير في صورة تسجيل الاحاديث و إفشاء الأسرار ومعرفة الخطابات والرسائل من الأشخاص وغيرهم من المسؤلين الموظف العمومى مثل العامل بالبريد وغيره من هذا القبيل بإفشاء الأسرار والاحاديث ليس ذلك فقط بل وصل الأمر الى انتهاك حرمة الغير بالتسجيلات الصوتية للوصول لنوع من الإبتزاز أو العمل علي نشر ما يوذى الناس لذلك سوف نوضح ماهية تسجيل الاحاديث و إفشاء الأسرار وضبط الخطابات والرسائل والعقوبات المقررة لها موضحاً الشروط والحالات التى استثناها المشرع وشرعها بموافقة قاضى التحقيق ، ورأى محكمة النقض فى هذا الأمر .
على الرغم من ان تعريف مصطلح (تسجيل الاحاديث) تعريف فني اكثر من كونه تعريف قانوني ، الا انه مع ذلك فقد تعرض فقهاء القانون الجنائي الى تعريف هذا الاصطلاح بمناسبة الحديث عن جريمة تسجيل المكالمات الهاتفية والأحاديث الخاصة كأحد الجرائم الواقعة على حرمة الحياة الخاصة . ولعل ارجحها هو التعريف الذاهب الى ان التسجيل هو “حفظ الاحاديث الخاصة على المادة المخصصة لإعادة الاستماع اليه “. لان هذا التعريف يستوعب ما يقع من حفظ للاحاديث ” تسجيل” متى وقع بأية وسيلة سلكية أو لا سلكية ، والوسيلة محل البحث هي من قبيل الوسائل الأخيرة .
لذلك لا يكفى أن تقر الشرائع السماوية والمواثيق الدولية ، والدساتير الوطنية حق الإنسان فى سرية اتصالاته الشخصية : كى يؤمن للفرد إستعماله لحقه هذا ، ويحميه من اقتحام الغير لخلوته : سواء كان ذلك الغير فردا عادياً أو سلطة ، إنما لابد أن تتضمن التشريعات الجنائية نصوصاً قانونية من شأنها توفير الحماية الجنائية للإنسان فى ممارسته لحقه فى سريه اتصالاته الشخصية
في البداية أن الحق يستمد قيمته من مقدار الحمايه التى يكفلها له القانون ، فالحق الذى يفتقر الى الحماية لايكون سوى شعار زائف لا قيمة له فى واقع الحياة ومن هنا كانت الأهمية الكبرى لإضفاء حماية جنائية على حق الإنسان فى مراقبة المحادثات وتسجيلها وضبط الخطابات والرسائل
و يعتبر القانون المصري تسجيل المكالمات دون إذن المسجل له جريمة ، لنتهاك الحياة الشخصية للمواطنين ، وقرر لها عقوبات مختلفة ، واستثنى من ذلك التسجيلات التي تتم في مكان عام وذلك بافتراض أنها لا تمس الحياة الشخصية للأفراد وأن الدستور المصري يحمي الحياة الخاصة للمواطنين ، بحيث إنه لا يمكن لشخص التعدى على أسرار الآخرين الشخصية ، والتعليق أو المصادرة من قبل السلطات يكون بإذن مسبب من القاضي .
– فقد نصت المادة 57 من التعديلات الدستورية عام 2014 على أن ” للحياة الخاصة حرمة ، وهى مصونه لا تمس ، وللمراسلات البريدية ، والبرقية ، والمحادثات الهاتفية ، وغيرها من وسائل الإتصال حرمة ، وسريتها مكفولة ، ولا تجوز مصادرتها ، أو الاطلاع عليها ، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ، ولمدة محددة وفي الاحوال التى يبينها القانون .
كما تلتزم الدولة بحماية حق المواطنين فى استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة اشكالها ، ولا يجوز تعطيلها أو وقفها أو حرمان المواطنين منها ، بشكل تعسفى ، وينظم القانون ذلك”.
عقوبة تسجيل المكالمات الحبس لمدة سنة :
أن عملية تسجيل المكالمات الهاتفية دون إذن أصحابها تُعد جريمة تندرج تحت جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة للمواطنين ، وكان القانون المصري قد حدد عقوبة من يقوم بعملية التسجيل بالحبس لمدة لا تزيد على سنة ، وكانت المادة 309 مكرر من قانون العقوبات قد نصت على أنه “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن ، وذلك بأن أرتكب أحد الأفعال الآتية فى الأحوال المصرح بها قانونا أو بغير رضاء المجنى عليه :
أ) استراق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أياً كان نوعه محادثات جرت فى مكان خاص أو عن طريق التليفون .
ب) التقط أو نقل بجهاز من الأجهزة أياً كان نوعه صورة شخص فى مكان خاص فإذا صدرت الأفعال المشار إليها فى الفقرتين السابقتين أثناء اجتماع على مسمع أو مرأى من الحاضرين فى ذلك الاجتماع ، فإن رضاء هولاء يكون مفترضاً ويعاقب بالحبس الموظف العام الذى يرتكب أحد الافعال المبينة بهذه المادة اعتماداً على سلطة وظيفته
ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأجهزة وغيرها مما يكون قد استخدم فى الجريمة ، كما يحكم بمحو التسجيلات المتحصلة عنها أو إعدامها ” .
والواقع ان تسجيل المحادثات واللقاءات نوع من التفتيش لان فيه كشفا عن خصوصيات الافراد واسرارهم . ولذلك تسرى عليه القواعد العامة للتفتيش وضماناته من حيث تحديد الاشخاص والاماكن الخاصة بصفة عامة دون تحديد مكان معين و لذلك سوف نبين بإيجاذ :
شروط الضبط والمراقبة والسلطة المختصة بها كالآتي :
• أن يكون لهذه الاجراءات فائدة فى ظهور الحقيقة فى جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر .
• يجب ألا تزيد مدة الأمر على ثلاثين يوماً قابلة للتجديد لمدة أو لمدد أخرى مماثلة .
• يجب أن يصدر بهذه الاجراءات أمر مسبب من قاضى التحقيق إذا كان هو الذى يباشر التحقيق ، فإن كانت النيابة العامة هى التى تجرى التحقيق فلا يجوز لها ذلك وإنما عليها أن تعرض الأمر على القاضى الجزئى وهو الذى يملك إصدار مثل هذا الأمر وعلة ذلك ترجع بأن المراقبة التليفونية تتعلق بها مصلحة الغير ، ولذلك ساوى المشرع بينها وبين تفتيش منزل غير المتهم فى جعل سلطة الإذن بها في يد القاضي الجزئى .
عدم مشروعية تسجيل اللقاء بالصورة :
ان المشرع فرق فى المادة 309 مكررا من قانون العقوبات بين ( حماية الصوت ، وحماية الصورة ) فخصص فقرة مستقلة لكل منهما ، فبينما خصص المشرع الفقرة الأولى من المادة 309 مكررا عقوبات لمعاقبة من يعتدى على الصوت ، خصص الفقرة الثانية من ذات المادة لمعاقبة من يعتدى على الصورة . ولما كان من المقرر انه يتعين ان يكون التشريع الاجرائى متوافقا مع التشريع الموضوعى ، فمن ثم فإن المشرع الاجرائى الذي تقوم رسالته على تطبيق قانون العقوبات ، اذا ورد فيه حديث عن الاذن بتسجيل الصوت ، لا يمكن ان ينصرف هذا الاذن الى تسجيل الصورة .
وبحسب رأى محكمة النقض المصرية :
قضت محكمة النقض بأن ” مراقبة المحادثات التليفونية وتسجيلها هو اجراء من اجراءات التفتيش ، الا انه نظرا لخطورة هذا الاجراء باعتباره يتعرض لمستودع سر الفرد ويزيل الحظر على بقاء سريته مقصورة على نفسه ومن أراد ائتمانه عليه ، فيباح لغيره الاطلاع على مكنون سره ، فقد حرص الدستور فى المادة 45 منه على تأكيد حرمته وسريته ، واشترط لمراقبة المحادثات التليفونية صدور أمر قضائى مسبب ، كما جاء المشرع فى قانون الاجراءات الجنائية – مسايرا لاحكام الدستور – فاشترط لاجازة هذه المراقبة وانتهاك سريتها قيودا اضافية بخلاف القيود الخاصة باذن التفتيش نص عليها فى المواد 95 ، 95 مكررا و 206 منه ” طعن رقم 8792 لسنة 72 ق ) .